إلى ملك الروم يسألونه أن يمدهم أو يبعث إليهم بمراكب يهربون فيها إلى ما قبله. فوجه إليهم بمراكب كثيرة فركبوها ليلا وهربوا. فلما أصبح سفيان - وكان يبيت كل ليلة في حصنه ويحصن المسلمين فيه، ثم يغدو على العدو - وجد الحصن الذي كانوا فيه خاليا فدخله. وكتب بالفتح إلى معاوية، فأسكنه معاوية جماعة كبيرة من اليهود. وهو الذي فيه المينا اليوم. ثم إن عبد الملك بناه بعد وحصنه.
347 - قالوا: وكان معاوية يوجه في كل عام إلى أطرابلس جماعة كثيفة من الجند يشحنها بهم ويوليها عاملا، فإذا انغلق البحر قفل وبقى العامل في جميعة منهم يسيرة، فلم يزل الامر فيها جاريا على ذلك حتى ولى عبد الملك، فقدم في أيامه بطريق من بطارقة الروم ومعه بشر منهم كثير، فسأل أن يعطى الأمان على أن يقيم بها ويؤدى الخراج. فأجيب إلى مسئلته. فلم يلبث إلا سنتين أو أكثر منهما بأشهر حتى تحين قفول الجند عن المدينة، ثم أغلق بابها وقتل عاملها وأسر من معه من الجند وعدة من اليهود ولحق وأصحابه بأرض الروم.
فقدر المسلمون بعد ذلك عليه في البحر وهو متوجه إلى ساحل للمسلمين في مراكب كثيرة فقتلوه، ويقال: بل أسروه وبعثوا به إلى عبد الملك فقتله وصلبه.
وسمعت من يذكر أن عبد الملك بعث إليه من حصره بأطرابلس (ص 127) ثم أخذه سلما وحمله إليه فقتله وصلبه. وهرب من أصحابه جماعة فلحقوا ببلاد الروم.
وقال على بن محمد المدائني قال عتاب بن إبراهيم: فتح أطرابلس سفيان بن مجيب، ثم نقض أهلها أيام عبد الملك، ففتحها الوليد بن عبد الملك في زمانه.