العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٧
ثم الذي كان من ذكر الله وحسن ثنائه على من بايع تحت الشجرة.
وأي شئ أعجب من اجتماع السلف مهاجريها وأنصاريها خلا أربعة نفر على تقديم رجل في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضى في أبشارهم وأشعارهم، وفروجهم وأموالهم. ويحمل أماناتهم، ويدعونه خليفة رسول الله، حتى تترك (1) الشريف المطاع ذا السابقة والقدم وتولى مكانه الخامل القليل المقصر، فلا يراد ولا يدافع، ولا يراجع ولا يستفهم، وهو المعروف عندهم بجحد الرسول وعبادة الأوثان، وليس بذى عشيرة منيعة.
ولا يستطيع أحد أن يزعم أنه قد كان واطأ العشائر ليصرفوا إليه عونهم على أن يؤثرهم (2) ويفضلهم، ولو كان ذلك لظهر علمه ولم يخف أثره.
ومثل هذا لا يستطاع كتمانه وستره وتزميله.
وكيف وقد سوى بين الرفيع والوضيع، والذليل [و] المنيع؟! فلم (3) يؤثر قريبا ولم يول نسيبا.
ولو استعان بطلحة وولاه وفضله لقد كان لذلك موضعا. وللولاية والتقديم أهلا، بل صنع ضد ما يصنعه أصحاب الميل والأثرة، والعصبية والمواطأة.
ولو كان قريب القرابة لجاز (4) لقائل أن يقول: إنما قدم لقرابته.
ولو كان عصبية لقالوا: إنما استحق بوراثته.
ولو كان منيع الرهط لقالوا: إنما قدم لكثرة قبيلته.

(1) في الأصل: " نقول " بالاهمال.
(2) في الأصل: " نوربهم " بالاهمال.
(3) في الأصل: " فمن لم ".
(4) في الأصل: " وجاز ".
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»