العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٩٥
كان الأشعث معه فيها، وافتتح إفريقية، افتتحها له عبد الله بن سعد بن أبي سرح. وافتتح سحستان، افتتحها له عبد الله بن سمرة.
فهذا باب المخصوصين بالفتوح.
وإن سألت عن الدهاة وأصحاب الإرب (1) والمكايد قالوا: عمرو ابن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومعاوية بن أبي سفيان، ولم نذكر فيهم زيادا لان زيادا لا صحبة له. فهذا باب الدهاة.
وروى الناس عن قبيصة بن جابر الأسدي (2) وكان علامة داهية حكما، أنه قال: " ما رأيت رجلا قط أخوف لله من أبى بكر، ولا أقوى في دين الله من عمر، ولا أصدق حياء من عثمان، ولا أوصل لرحم ولا أعطى من تلاد مال من طلحة. ولا أكثر مخارج في الأمور من معاوية ولا أحضر جوابا، ولا أكثر صوابا من عمرو " ولم نره ذكره.
ثم الذي كان من أسماء بنت عميس، ومن قولها - وعلي بن أبي طالب شاهد، لما تفاخر عندها بنوها من جعفر وأبى بكر وعلى، قال لها على:
اقضى بينهم - قالت: ما رأيت شابا أطهر من جعفر، ولا رأيت شيخا أفضل من أبى بكر، وإن ثلاثة أنت أخسهم لفضلاء.
فهذه قضيتها (3)، ولم يرو عن علي في ذلك إنكار.
فإن قلتم: إن قولها ليس بحجة. قلنا: قد صدقتم لو كان ليس بحجة إلا قولها فقط، ولكن الأمور إذا جاءت من هاهنا وهاهنا كان اجتماعها دليلا على أنه لم يكن عندها مع فضله وصلاحه وسابقته وقرابته ذا رأى.

(1) الإرب، بالكسر: الدهاء والفكر.
(2) مما يذكر أنه كان أخا معاوية من الرضاع. تهذيب التهذيب.
(3) القضية: الحكم والقضاء.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»