فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١١٣
بلاد الروم قال وانما أراد يوقنا بهذا الكلام أمرين أحدهماأن يبرأ عندهم من التهمة حتى يطمئنوا اليه والثاني أن يحصل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة في المدينة فيحتال أن يكونوا تحت يده ليثور بهم فيملك بهم المدينة فقال له وزيره الأرمني وان كان العرب يبعثون الينا صعاليكهم أو مواليهم فنقبض عليهم ونعدهم بالقتل فلا يلتفتون إلى ذلك ويقع الجد منهم في قتالنا ولا يرحلون عنا فكيف تصنع قال فأراهم يوقنا أنه غضب وحول وجهه وقال وحق المسيح لقد دخل رعب القوم في قلوبكم ولن تفلحوا بعدها أبدا وحق ما أعتقده لقد قاتلتهم في قلعتي بجلب قتالا سارت به الركبان إلى سائر البلدان مدة سنة كاملة ولولا أن عبدا أسود من عبيدهم أسمه دامس أبو الهول وعشرين معه نصبوا حيلة علي ملكوا قلعتي لما قدروا عليها أبدا وكانوا قد نزلوا علي بجميع عسكرهم وأبطالهم فكيف بكم وما نزل عليكم الا شرذمة يسيرة وبلدكم حصين ليس عليه قتال الا من موضعين من صوب الجبل ومن الغرب وما لكم عذر ومن أراد رضا المسيح والاجر قاتل عن دينه وصان أهله وحريمه من هؤلاء العرب وان خفتم أن القوم يرسلون الينا مواليهم أو من لا له عندهم قدر ولا شأن فأنا أعرف الناس بهم وبفرسانهم وأبطالهم ومواليهم وخاصة أصحابهم فأنفذوا مع رسولكم كتابا بأسماء القوم الذين أريد منهم المقداد والنعمان وشرحبيل بن كعب ونوفل وعبد الرحمن بن مالك والأسود قيس وخالد بن جعفر وابن قيس وهمام الحرث ومالك بن نوبة وسلامة بن عامر قال فضحك الوزير الأرمني وقال وحق ديني أن العرب لا يسمحون بهؤلاء قط الا أن يطلبوا رهائن منكم فقال يوقنا ما أفشل رأيكم وأضعف قلوبكم انفذوا إلى القوم فان أجابوا كان ببركة السيد المسيح وان طلبوا رهائن أرسلنا اضعفنا من أهل المدينة ومن أولادهم وألبسناهم افخر الثياب وقلنا هؤلاء أكابرنا من أهل المدينة قال شهرياض وحق القربان ما نفعل الا ما أمرتنا ثم إنه أمر بطارقته وأرباب دولته أن يأمروا الناس بالتأهب للحرب ففعلوا ولبسوا سلاحهم واستعدوا للقتال وأمر سهل بن عدي أصحابه بالركوب فركبت العرب وخرجت من باب الخندق واستقبلوا العدو بهمم عالية وقالوا اللهم انصرنا عليهم كنصر نبيك يوم الأحزاب وعبوا صفوفهم ثم وعظهم وقال في آخر وعظه ها أنا حامل نحو طاغية الروم وصليبه فاتبعوني فان فتح الله بقتله أو أخذ صليبه فالقوم لا ثبات لهم فقالوا أيها الأمير لقد دعوتنا إلى شيء هو أحب الينا فاحمل حتى نحمل قال محمد بن عبد الله فحمل هو ومن معه على عسكر قرقيسيا وكان أمير المسلمين عبد الله ابن غسان
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»