عبيدة كانوا ساروا بأجمعهم فانتخب منهم ثلاثة آلاف فارس واردفهم بألفين آخرين أخبرنا أحمد بن هشام عن عياض عمن حدثه قال لما سار خالد بالجيش لمعونة ميسرة بن مسروق ومن معه رفع خالد يديه إلى السماء وقال اللهم اجعل لنا إليهم سبيلا واطو لنا البعيد ويسر لنا كل صعب شديد وسار نحو الدروب قال وأما ميسرة ومن معه فإنهم دارت بهم الروم من كل جانب وهم يقاتلون في كل يوم أشد القتال إلى أن يقبل الظلام فيفترقون وفي كل يوم يزيد عددهم ومددهم وقد لحق المسلمون من التعب والجراح ما لحقهم ولكن من غير فشل وكأنهم قوم قد حجب عنهم الموت بأذن الله تعالى قال الواقدي حدثنا عمر بن راشد عن الزبيدي قال لما سار خالد ليلحق ميسرة وينجده إلى داخل الدروب سجد أبو عبيدة سجدة أطال فيها وقال اللهم إني أسألك بمن جعلت اسمه مع اسمك وعرفت فضله لأنبيائك ورسلك الا طويت لهم البعيد وسهلت لهم كل صعب شديد والحقتهم باصحابهم يا قريب يا مجيب قال وميسرة ومن معه منتظرون من الله فرجا يأتيهم ونصرا ينزل عليهم قال عبد الله بن الوليد الأنصاري حدثني ثابت بن عجلان عن أبا سليمان بن عامر الأنصاري قال كنت مع ميسرة في وقعة مرج القبائل ويوم حطمنا أغمدة السيوف والروم تقبل من كل جانب ومكان إلى المسلمين ونحن بناكر القتال ونروح رواحا قال أبا سليمان ين عامر فخرج يوما من الأيام بطريق من الروم قد لبس درعين وعليه سواعد من الحديد وعلى رأسه بيضة تلمع فوقها صليب من الجوهر وبيده عمود من الحديد كأنه ذراع بعير فجال بين الصفوف وطلب البراز وكان أحد الثلاثة المقدمين على الثلاثين ألفا قال قال فجعل يدعو إلى البراز ويطمطم فقال ميسرة للترجمان ما يقول هذا الأغلف قال إنه يذكر انه فارس شديد ويطلب شجعانكم وأبطالكم فقال ميسرة من يبرز اليه فأسرع اليه رجل من المسلمين من قبيلة النخع وعليه درع من دروع الروم وثياب من ثيابهم فقلنا انه من المتنصرة وقد عاد إلى الاسلام فجعل العلج يتكلم وهو يظن أنه يفهم كلامه فلما رآه لا يبرز اليه حمل عليه وضربه بعموده فزاغ النخعي عنها وعطلها عليه فوقع العمود على رأس جواده فصرع الجواد براكبه وسار النخعي على قدميه فناداه ميسرة يا أخا النخع أرجع فرجع القهقري والعج يطلبه والنخعي راجل والعلج فارس فسار اليه عبد الله بن حذافة السهمي وصاح بالعلج فادهشه فالتفت اليه وسار النخعي إلى أن وصل عسكر المسلمين وحمل عبد الله بن حذافة على العلج وحمل العلج عليه
(١٢)