ثم أن دامسا همز حصانه اليه وطعنه فأرداه عن فرسه قتيلا ثم جال على فلوه وهز رايته وقال الله وأكبر فتح الله ونصر وجاءنا بالظفر ونظرت الروم إلى أبي الهول وقد قتل صاحبهم وكان من شجعانهم فغضبوا لذلك فخرج اليه آخر فما تركه يقرب منه حتى طعنه في نحره فأخرج السنان من ظهره ونظر الروم إلى ذلك فقالوا هذا عبد من عبيد العرب قد فعل ما ترون قال فلم يجسر أحد أن يخرج اليه فأغار عليهم وقتل من القلب واحدا ورجع قال فحمل عليه صف من الصفوف وهم عشرة آلاف ودهموه بالخيل فحملت العبيد وحملت المسلمون والتقى الجمعان قال ميسرة فالله در العبيد لقد ابلوا بلاء حسنا واستنقذوا ابا الهول من عين الهلاك وهم يقولون نحن عبيد العباد الله وضربنا مثل الحريق في سبيل الله ونقتل من كفر بالله قال ولم يزل الحرب بينهم حتى قامت الشمس في قبة الفلك وحمي عليهم الحر وافترق الجمعان قال وان المسلمين موقنون بالظفر والنصر والمشركون قد أيقنوا بالهلاك وقد قتل منهم خلق كثير واسر من الروم تسعمائة وقتل منهم زهاء من ألف فلما أنفصل الجمعان افتقد المسلمون ابا الهول فلم يجدوه فقال ميسرة أن كان أبي الهول قد قتل أو أسر فقد أصبنا به والى الله تعالى اشكو ما أصبنا من فقد أبي الهول واسر من المسلمين عشرة ثم إن ميسرة قال من فيكم يكشف لنا خبرهم وإذا بالروم قد عادوا للقتال وحملوا بأجمعهم فقاتلوا قتالا شديدا فكان الرجل من المسلمين يجتمع عليه العشرة والعشرون والخمسون إلى أن يقتلوه أو يأسروه وكانت العرب في أربعة آلاف والروم في ثلاثين ألفا فعظم بينهم الحرب وهاج الطعن والضرب فلله در ميسرة بن مسروق العبسي لقد جاهد في الله حق جهاده وهو مع ذلك ينادي أيها الناس اذكروا الدار الآخرة واعلموا أنها أقرب لاحدكم من رجوعه لأهله فاستقبلوها استقبال الوالدة لولدها ولا تولوا الادبار عنها فان أصاب القوم منا فاني اخشى أن ذلك وهن بنا ثم إنه نادى أحطموا أجفرة سيوفكم فذلك طريق النجاة قال زيد بن وهب فلم يبقى أحد من المسلمين حتى رمى بجفير سيفه فلما رأت الروم ذلك فعلوا مثلنا ورمى كل منهم بجفير سيفه وسميت تلك الواقعة باسمين وقعة مرج القبائل ووقعة الحطمة لأجل حطم أغمدة السيوف قال واقتتلوا حتى أن الرجل يقول أن سيفه ما بقي يقطع والمسلمون يبتهلون إلى الله والكفار تعج بكلمة كفرهم قال وان المسلمين يطلبون الفرج من الله والسودان تقاتل قتال الموت وكان شعار العرب في ذلك اليوم النصر النصر وشعار السودان يا محمد يا محمد قال ابن ثابت وكنت قد أخذني القلق على المسلمين ونحن
(٩)