المسلمين أن يصابوا تحت رايتي وهي أول راية دخلت الدروب فيلومني عمر بن الخطاب وكل راع مسؤول عن رعيته فقال المسلمون والله ما نبالي بالموت ولا نفكر في الفوت لأننا قد بعنا أنفسنا بجنة ربنا ومن يعلم أنه ينقل من دار الفناء إلى دار البقاء فلا يبالي بما وصل اليه من الكفار ثم إنه قال أيها الناس أترون أن نلقاهم في موضعنا هذا أو نسير إليهم فسألوا المعاهد وقالوا ان كان موضعهم افسح من هذا رحنا إليهم فقال ليس من هذه البلاد بعد عمورية أفسح من هذا المكان فان عولتم على لقائهم فاثبتوا مكانكم وان عدتم إلى ورائكم كان خيرا لكم من قبل ان يشرف عليكم عدوكم قال فعرض ميسرة على العلج الاسلام فأبى وكانوا كالجراج المنتشر وكان قد مضى النهار فأضرمت النيران فلما أصبح الصبح صلى ميسرة بالناس صلاة الفجر فلما فرغ قام في الناس خطيبا فقال أيها الناس هذا يوم له ما بعده وان رأيتكم هذه أول راية فضرب عنقه فبينما هم على ذلك إذ أشرفت عليهم الروم فنزلوا بإزائهم ما لا يحصل لغيره فقال قبح الله تلك البلاد فإذا كان هذا البرد عندهم في الصيف فكيف يكون في الشتاء وجعل يرتعد فرآه ميسرة دخلت الدروب واعلموا ان اخوانكم مطاولون لفعلكم واعلموا أن الدنيا دار ممر ولآخرة دار مقر واسهوا ما قال نبينا صلى الله عليه وسلم الجنة تحت ظلال السيوف ولا تنظروا إلى قلتكم وكثرة أعدائكم فقد قال تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين فقال المسلمون اركب بنا يا ميسرة على بركة الله والقهم بنا وانا لنرجو من الله النصر عليهم قال فاستبشر بقولهم وركبوا وانفصلت العبيد من العرب ووقفوا تحت راية أبي الهول وأخذوا على أنفسهم قتال عدوهم واستنصروا بربهم وهو يوصيهم وجعل على الميمنة عبد الله بن حذافة السهمي وعلى الميسرة سعد بن أبي سعيد الحنفي وقدم العبيد مع أبي الهول فلم ينطق بكلمة وركب جيش الروم ومدوا سفوفهم ثلاثة صفوف كل صف عشرة آلاف وأمامهم الصلبان وهم في عددهم وعديدهم فلما استوت الصفوف خرج رجل من الروم من المتنصرة وقرب من المسلمين وقال إن الباغي بغية يرديه أما كفاكم ما ملكتموه من الشام العظيم حتى اقتحمتم هذه الجبال وانما ساقتكم الآجال وهنا ثلاثون ألف عنان وقد حلفوا بالصلبان أن كلا منهم لا ينهزم وان وقع ميتا فان أردتم أن نبقي عليكم فاستسلموا للاسر حتى يحكم الملك هرقل فيكم بما يريد فخرج أبو الهول والراية بيده وقال له صدقت في قولك ان الباغي يرديه بغيه وأما قولك انا نلقى إليكم بأيدينا لتبقوا علينا فأنت إذا باغ بقولك هذا إذ نطقت بغير تجربة منكم وها أنا عبد من عبيد العرب لا قدر لي ولا قيمة عند ذوي الرتب فاقرب مني حتى أجندلك صريعا تخور في دمك
(٨)