ثلاثة آلاف فارس من الشجعان وألف عبد من السودان وجعل من كل قبيلة نقيبا وجعل على العبيد دامسا ابا الهول قال فلبسوا أكمل السلاح وكل منهم يقول أنه يلقي الكتيبة وحده وجعل أمير القوم ميسرة وقال أبو عبيدة يا ابا الهول كن أنت بجماعتك في أوائل العسكر ولا تخالف ميسرة فيما أشار به فإنه مبارك الطلعة فقال سمعا وطاعة قال وجهز القوم ثم إن خالدا قال أيها الأمير أرسل معهم أدلاء يعرفونهم الطريق ويكونون لهم عيونا على أعدائهم فطلب لهم من أهل حلب من المعاهدين من يكون ناصحا لهم فاختاروا لهم أربعة وأعطاهم أبو عبيدة وأحسن إليهم وطرح عنهم الجزية وقال لهم في أي درب يكون دخول المسلمين في طلب العدو فاجتمع رأيهم على أن يدخلوا في الدرب الأعظم من بلد قورص ثم إنهم قالوا أيها الأمير ان هذه الدروب ليست كمثل البلاد التي فتحتموها بل هي بلاد شديدة البرد كثيرة الشجر والمدر والحجر وفيها مضايق وشعاب وأودية وكهوف وعقبات فقال أهل اليمن سيروا أنتم أمامنا فإنكم ترون منا عجبا فسار أبو الهول والمعاهدون أمامه وسار ميسرة في أعقابهم بعدما ودعوا الناس ومضوا وهم بالتهليل والتكبير وقراءة القرآن والمسلمون يدعون لهم بالنصر والسلامة قال عطاء بن جعيدة وسرنا والدليل أمامنا حتى أتينا عقبة حنداس فقطعناها وعبرنا نحو الساجور وأتينا قورص فنزلنا فيها وبتنا فلما أصبحنا ودخلنا الدروب وجدنا بها أرضا وعرة وأشجارا ومياها جارية ومضايق ليس للفرس فيها مجال فهالنا وحشة ذلك المكان إذ ليس للعرب فيه مجال ولا فسحة فقلت في خاطري ان طالت علينا هذه الأودية خشيت على المسلمين أن يظفر بهم عدوهم والادلاء أمام المسلمين وقد تعلقوا في جبال شامخة صعبة الصعود فلم يبق أحد الا وترجل عن فرسه قال ومشينا حتى تقطعت نعالنا وسال الدم من أرجلنا فلم نزل على ذلك ثلاثة أيام والادلاء يقولون لنا كونوا على يقظة فان أخذ عليكم المجاز هلكتم فلما كان في اليوم الرابع خرجنا إلى ارض واسعة وكان دخولنا إلى بلاد الروم في أول الصيف ونحن مخففون من الثياب ولما دخلنا إلى تلك الأرض وجدنا بردا كثيرا ونظرنا إلى الثلج وهو على الجبال عن يميننا وشمالنا قال وكان دامس أبو الهول يأخذ معه ثيابا تدفئه فحصل له من البرد فقال يا ابا الهول ما لي أراك ترتعد فقال أخذني البرد وليس معي ما يدفئني فدفع اليه فروة فلبسها فدفىء فقال كساك الله من ثياب الجنة قال الواقدي وساروا إلى أن وصلوا إلى أرض طيبة كثيرة
(٦)