فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
شامس إلى أن قدم على صاحب الرها وحدثه بما ألقى اليه صاحبه يوقنا وكان من قضاء الله وقدره أن الحيلة التي دبرها يوقنا وبعث بها إلى صاحب الرها قد بعث بها أكابر جيش أرجوك فلما قدم شامس عليه من قبل يوقنا وحدثه بالحديث الذي ذكرنا تأكد عنده ذلك وخرج في أربعمائة من قومه في أكمل سلاح وساروا طالبين دير قرها قال وكان يوقنا قد كمن بالقرب منهم واختلس شامس وأتى إلى يوقنا وأخبره بأنهم كامنون في المكان الفلاني وهم منكم قريب قال وأما ما كان من أمر ارسوس فإنه لما أرسل رسوله إلى الأرمن من عسكر أرجوك أتى رودس وقال لهم انه يحلف لهم ويحلفون انهم لا يخامرون عليه ووقع الاتفاق على أن يكون الحلف في دير فرها فلما كان آخر الليل مضوا وهم متباعدون من بعضهم خوفا من الغدر وكان خاطرهم طيبا بصاحب الرها بما قرروا عنده ثم إنه قبل خروجهم أعلموا ألفا من شجعانهم بأن ينسلوا من العسكر في خفية وأن يلحقوهم ليكونوا عونا لصاحب الرها وقالوا لهم لا تتكلموا دون أن تروا صاحب الرها قد خرج عليه بكمينه فإذا خرجتم فازعقوا بشارة كأنكم من أصحابه حتى يطمئن إليكم فلعل أن تقبضوا عليه حتى يخلص أميرنا أرجوك قال فانسلوا من أول الليل ولم يعلم بهم أحد قال الراوي ولما أشرف أرسوس على الدير إذا به قد خرج عليه مائتا فارس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المقدم عليهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي وكان السبب في ذلك أن عياض بن غنم لما بعث رودس ويوقنا معه وأصحابه ساء ظنه من جانب رودس وقال لقد فرطت وأذهبنا ولي الله مع عدو الله قال خالد أيها الأمير لا تشغل سرك من قبل رودس فان ملوك الروم إذا قالت وفت ويرون العار في أن يقول أحدهم قولا ولا يفي به فقال يا أبا أبا سليمان انه لا ينبغي لنا أن نغفل عن صاحبنا ومن معه ثم إنه أرسل عمرو بن معد يكرب الزبيدي في مائتي فارس وساروا طالبين حران فلقوا في طريقهم ارسوس وهو خارج إلى الدير فقبضوا عليه وعلى من كان معه وأما يوقنا فإنه قبض على كيلوك صاحب الرها وكمن إلى الليل وتوجه إلى الرها فلما قربوا منها وقد لبسوا الثياب التي كانت على صاحب الرها وألبس جماعته ثياب جماعة صاحب الرها فلما قربوا منها وكانوا قد أوقدوا لهم مشاعل فتحوا لهم الباب فدخلوا فلما حصلوا داخلها رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير والثناء على رب العالمين فما جسر أحد من العوام أن يتكلم واحتوى يوقنا على ما كان فيها من ذخائر وتحف وخزائن كيلوك وأمواله وترك عليها من يثق به بعد ما قبض على من يخافه من رؤسائها وأكابرها
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»