اقبل على القوم وقال أني أريد أن تبذلوا في صلحكم ما بذله أهل قنسرين 2 فقالوا أيها الأمير ان قنسرين اقدم من مدينتنا وأكثر جمعا ومدينتنا خالية من السكان لجور صاحبنا لأنه قد أخذ أموالنا وغلاتنا وأصعد الكل إلى قلعته وما بقي عندنا الا الضعفاء ومن لا ماله له وانا نسألك الترفق بنا والعدل فينا والاحسان الينا فقال أبو عبيدة فما الذي تريدون أن تبذلوا في صلحكم قالوا نعطي نصف ما أعطى أهل قنسرين فقال أبو عبيدة قد قبلت منكم ذلك على أننا إذا نزلنا بصاحبكم اعنتمونا بالميرة والعلوفة وتبيعون وتشترون في عسكرنا ولا تكتموا عنا خبرا تكونون تعلمونه من أعدائنا ولا تتركوا جاسوسا يتجسس علينا وان رجع إليكم بطريقكم منهزما تمنعوه أن يصل إلى القلعة فقالوا أيها الأمير أما قولك هذا أن نمنع البطريق أن لا يصعد إلى القلعة فما نجد إلى ذلك من سبيل ولا نقول لك ما لا نفعله ما لنا به طاقة ولا بمن معه من أعوانه وجندوه قال أبو عبيدة فلا تمنعوه من الصعود إلى القلعة وعليكم عهد الله وميثاقه والايمان المؤكدة الغليظة ان لا تقولوا هذا القول وان توفوا لنا كل شرط تم عليكم ثم حلفهم بالايمان التي يعرفونها فحلف القوم عن آخرهم وصالحوا عن رجالهم ودوابهم وأبنائهم ونسائهم وعبيدهم وسائر أهاليهم وانتهوا على ذلك فقال أبو عبيدة انكم قد حلفتم وقد قبلنا قولكم وايمانكم فان أصبنا أحدا قد اخلف أو علم من البطريق علما ولم يعلمنا به فقد وجب عليه القتل واخذ ماله وولده حلال لنا لا يطلبنا الله بذمته ومتى نقضتم ما شرطنا عليكم فلا عهد لكم عندنا ولا ذمة لكم علينا ولنا عليكم الجزية في العام المقبل قال سعيد بن عامر التنوفي فرضي أهل حلب بما شرطه عليهم أبو عبيدة وأخذوا عهدهم وكتب أسماءهم وعزم القوم على الانصراف إلى ديارهم وقال لهم أبو عبيدة على رسلكم حتى أبعث معكم من يسير معكم إلى مأمنكم فقد وجب علينا حفظكم إلى أن تعودوا سالمين إلى بلدكم فقال له الدحداح أيها الأمير اننا نرجع من الطريق الذي جئنا منه وما نريد أحدا يسير معنا فتركهم أبو عبيدة وبات بقية ليلته قلقا على كعب بن ضمرة ومن معه قال الواقدي ورجع القوم من ليلتهم إلى حلب وانفجر الصبح ولم يصلوا فلما أشرفوا على حلب نظر إليهم بعض أعلاج البطريق وهم راجعون فأقبل إليهم وسألهم من أين أقبلتم وما صنعتم فظنوا أنه من أهل حلب فأخبروه بصلحهم مع أبي عبيدة فتركهم ومضى وان القوم استقبلهم أهل حلب فسالوهم فأخبروهم بالصلح ففرحوا بذلك واقبل العلج حتى اشرف على عسكر يوقنا وهو نازل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أحاط بهم وهو يظن أنه قد ملكهم وهو يتوقع الصباح إذ أتى عليه العلج فقال له أيها البطريق انك غافل عما نزل بك ودهمك قال له وما ذاك يا ويلك قال له ان أهل بلدك قد صالحوا العرب وكأنك بهم وقد ملكوا القلعة وأخذوا الأموال والنسوان فلما سمع يوقنا ما أخبر به العلج خشي على قلعته أن يملكوها في
(٢٥١)