القتال أم نكف عنكم فقال البترك معاشر العرب الا تدعون بغيكم أنخبركم بأننا قد صدقناكم في الكلام طلبا لحقن الدماء وأنتم تأبون الا القتال قال أبو عبيدة نعم لان ذلك اشهى الينا من الحياة نرجو به العفو والغفران من ربنا قال فأمر أبو عبيدة بالكف عنهم وانصرف البترك قال الواقدي فجمع أبو عبيدة الامراء والمسلمين اليه وأخبرهم بما قال البترك فرفع المسلمون أصواتهم بالتهليل والتكبير وقالوا افعل أيها الأمير واكتب إلى أمير المؤمنين بذلك فلعله يسير الينا ويفتح هذا البلد علينا فقال شرحبيل بن حسنة اصبر حتى نقول لهم ان الخليفة معنا ويتقدم خالد إليهم فإذا نظروا اليه فتحوا الباب وكفينا التعب وكان خالد أشبه الناس بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما أصبح الصباح قال له الترجمان قد جاء الخليفة وكان قد قال أبو عبيدة لخالد فركبوا جميعا وقالوا قد جاء الرجل الذي تطلبونه فعرفوا البترك فأقبل إلى أن وقف على السور وقال له قل له يتقدم بحيث نراه عيانا فتقدم خالد فتبينه وقال وحق المسيح كأنه هو ولكن باقي العلامات ما هي فيه فبحق دينك من أنت فقال أنا من بعض أصحابه فقال البترك يا فتيان العرب كم يكون هذا الخداع فيكم وحق المسيح لئن لم نر الرجل الموصوف ما نفتح لكم ولا يرجع أحد منا يكلمكم ولو أقمتم علينا عشرين سنة ثم ولى ولم يتكلم فقال المسلمون عند ذلك اكتبوا إلى أمير المؤمنين وعرفوه بذلك فعسى أن يأتي ويتشرف بهذه البقعة فكتب أبو عبيدة كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من عامله أبي عبيدة عامر بن الجراح أما بعد السلام عليك فأني أحمد الله الذي لا إله إلا هو واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأعلم يا أمير المؤمنين انا منازلون لأهل مدينة ايلياء نقاتلهم أربعة أشهر كل يوم نقاتلهم ويقاتلوننا ولقد لقي المسلمون مشقة عظيمة من الثلج والبرد والأمطار الا انهم صابرون على ذلك ويرجون الله ربهم فلما كان اليوم الذي كتبت إليك الكتاب فيه اشرف علينا بتركهم الذي يعظمونه وقال إنهم يجدون في كتبهم انه لا يفتح بلدهم الا صاحب نبينا واسمه عمر وانه يعرف صفته ونعته وهو عندهم في كتبهم وقد سألنا حقن الدماء فسر الينا بنفسك وانجدنا لعل الله أن يفتح هذه البلدة علينا على يديك ثم إنه طوى الكتاب وختمه وقال يا معاشر المسلمين من ينطلق بكتابي هذا وأجره على الله فأسرع بالإجابة ميسرة بن مسروق العبسي وقال أنا أكون الرسول وأرجع مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن شاء الله تعالى قال أبو عبيدة فخذ الكتاب بارك الله فيك فأخذه ميسرة واستوى على ناقة له كوماء ولم يزل سائرا إلى أن دخل المدينة فدخلها ليلا وقال والله لا نزلت عند أحد من الناس فأناخ ناقته على باب المسجد وعقلها ودخل المسجد وسلم على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قبر أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم أتى مكانا في المسجد فنام وكان له ليال
(٢٣٥)