عمر بما سمعه من العرب فقال الشيخ قد كان ذلك يا أمير المؤمنين فقال عمر أما علمتما أن ذلك حرام في دين الاسلام قالا لا والله ما علمنا ذلك فقال عمر للشيخ وما دعاك ان صنعت هذا القبيح قال أنا شيخ كبير ولم يكن لي أحد أثق به ولاأتكل عليه فقلت يا هذا أتكفيني الرعي والسقي وتعينني على دوابي وانا أجعل لك نصيبا في امرأتي والآن علمت أنه حرام فلا أفعله فقال لي عمر خذ بيد امرأتك فلا سبيل لي عليها ثم قال للشاب أياك ان تقرب منها فإنه ان بلغني ذلك ضربت عنقك ثم ارتحل عمر يريد بيت المقدس حتى دنا من أول الشام وأشرف عليه قال أسلم ابن برقان مولى عمر فلما أشرفنا على الشام وأشرف عليه المسلمون نظرنا إلى طائفة من خيل المسلمين فقال عمر للزبير اسرع وانتظر ما هذه الخيل فأسرع الزبير إليها فلما قرب منها وإذا هي خيل من اليمن قد بعث بها أبو عبيدة يأخذون له خبر عمر رضي الله عنه قال الزبير فسلموا علي وقالوا يا فتى من أين أقبلت فقلت من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا كيف خلفت أهلها قلت بخير قالوا فما فعل عمر هل قدم علينا أم قال الزبير من أنتم قالوا نحن من عرب اليمن قد وجهنا أبو عبيدة لنأخذ له خبر عمر قال فرجع الزبير إلى عمر وحدثه قال أصبت يا ابا عبد الله فاقبل علينا جمع آخر فسلموا علينا وسألونا عن عمر فقال لهم ها أنا عمر فما تريدون قالوا يا أمير المؤمنين قد ذرفت العيون وطالت الأعناق بطول قدومك فلعل الله أن يفتح بيت المقدس على يدك قال الواقدي ثم رجعوا على أعقابهم حتى أشرفوا على عسكر المسلمين وأبي عبيدة ونادوا بأصواتهم أبشروا يا مسلمون بقدوم عمر قال فأرتج الناس وهموا ان يركبوا لاستقباله بأجمعهم فقال لهم أبو عبيدة عزيمة على كل رجل أن لا يخرج من مركزه ثم سار أبو عبيدة في أناس من المهاجرين والأنصار حتى أشرف بمن معه على عمر قال ونظر عمر إلى أبي عبيدة وهو لابس سلاحه متنكب قوسه وهو راكب على قلوصه مغطى بعباءة قطوانية وخطام قلوصة من شعر فلما نظر أبو عبيدة إلى عمر رضي الله عنه أناخ قلوصه وأناخ عمر بعيره وترجل كلاهما ومد أبو عبيدة يده فصافح عمر وتعانقا جميعا وسلم بعضهما على بعض واقبل المسلمون يسلمون على عمر ثم ركبا جميعا وجعلا يسيران أمام الناس وهما يتحادثان ولم يزالا كذلك حتى نزلا ببيت المقدس فلما نزل صلى عمر رضي الله عنه بالمسلمين صلاة الفجر ثم خطبهم خطبة حسنة فقال في خطبته الحمد لله الحميد المجيد القوي الشديد الفعال لما يريد ثم قال إن الله تعالى قد أكرمنا بالاسلام وهدانا بمحمد عليه أفضل الصلاة والسلام وأزاح عنا الضلالة وجمعنا بها الفرقة والف بين قلوبنا من بعد البغضاء فاحمدوه على هذه النعمة تستوجبوا نه المزيد فقد قال الله تعالى * (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) * ثم قرأ من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا قال فلما تلا عمر ذلك قام قس من النصارى كان حاضرا بين يديه فقال ان الله لا
(٢٣٨)