فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٤١
العقود وسار عمر حتى نزل بالموضع الذي كان فيه أبو عبيدة وضربت له خيمة من شعر وجلس فيها هناك على التراب ثم قام يصلي أربع ركعات قال الواقدي وعلت للمسلمين ضجة عظيمة وصياح مزعج بالتهليل والتكبير فسمع أهل بيت المقدس الضجة والجلبة فقال لهم البترك يا ويلكم ما شأن العرب قد ارتفعت لهم جلبة من غير شيء فأشرفوا عليهم وانظروا ما شأنهم قال الواقدي فأشرف عليهم رجل ممن يعرف العربية فقال يا معاشر العرب أخبرونا ما قصتكم قالوا أن أمير المؤمنين عمر قد قدم علينا من مدينة نبينا وهذه الضجة من فرح المسلمين به قال فرجع وأعلم البترك فأطرق إلى الأرض ولم يتكلم فلما كان الغد وصلى عمر بالناس صلاة الفجر قال لأبي عبيدة يا عامر تقدم إلى القوم وأعلمهم اني قد اتيت قال فخرج أبو عبيدة وصاح بهم وقال يا أهل هذه البلدة ان صاحبنا أمير المؤمنين قد ورد فما تصنعون فيما قلتم قال فاعلموا البترك فخرج من كنيسته وعليه المسوح وترجل الرهبان والقسوس والاساقفه معه وقد حمل بين يديه صليب لا يخرجونه الا في عيدهم وسار معه البطاليق الوالي عليهم وهو يقول للبترك يا ابانا ان كنت تعرفه معرفة حقيقية والا فلا تفتح له ودعنا وهؤلاء العرب فاما أن بنيدهم واما ان يبيدونا قال البترك أنا أفعل ذلك ثم صعدا على الصور ووقف البطاليق إلى جانبه والصليب أمامهم وأشرف على أبي عبيدة وقال ما تشاء أيها الشيخ الباهي قال أبو عبيدة هذا أمير المؤمنين عمر وليس عليه أمير قد أتى فأخرجوا اليه واعقدوا معه الأمان والذمة وأداء الجزية فقال البترك يا ذا الرجل ان كان صاحبك الذي ليس عليه أمير قد أتى فدعه يدن منا فانا نعرفه بنعته وصفته وأفردوه من بينكم وليقف بازائنا حتى نراه فإن كان صاحبنا الذي نعته في الإنجيل نزلنا اليه وعقدنا معه الأمان وأقررنا له بالجزية وان كان غير الذي نجد نعته في الإنجيل وصفته فما لكم عندنا غير القتال قال فرجع أبو عبيدة إلى عمر واخبره بما قاله البترك فهم عمر بالقيام فقال له أصحابه يا أمير المؤمنين تخرج إليهم منفردا وليس عليك آلة حرب غير هذه المرقعة وانا نخشى عليك منهم غدرا أو مكرا فينالون منك فقال عمر قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ثم أمر ببعيره فقدم اليه فاستوى في ركوبه عليه وعليه مرقعة ليس عليه غيرها وعلى رأسه قطعة عباءة قطوانية وقد عصب بها رأسه وليس معه غير أبي عبيدة رضي الله عنه وهو سائر بين يديه حتى قرب من السور ووقف بإزاء السور والبترك والبطاليق عليه فتكلم أبو عبيدة وقال يا هؤلاء هذا أمير المؤمنين قد أتى فمسح البترك عينه ونطر إليه وزعق بأعلى صوته هذا والله الذي نجد صفته ونعته في كتبنا ومن يكون فتح بلادنا على يديه بلا محالة ثم إنه قال لأهل بيت المقدس يا ويحكم انزلوا اليه واعقدوا معه الأمان والذمة هذا والله صاحب محمد بن عبد الله
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»