متقلد سيفه معتقل رمحه وهو يقول معاشر العرب الكرام السادة العظام قد أصبحتم في ديار الاعلاج منقطعين عن الأهل والأوطان ووالله لا ينجيكم منهم الا الطعن الصائب في أعينهم والضرب المتدارك في هاماتهم وبذلك تبلغون أربكم وتنالون الفوز من ربكم واعلموا أن الصبر في مواطن البأس مما يفرج الله به الهم وينجي به من الغم فاصدقوا القتال فان النصر ينزل مع الصبر فان صبرتم ملكتم بلادهم وأمصارهم واستعبدتم أبناءهم ونساءهم وان وليتم فليس بين أيديكم الا مفاوز لا تنقطع الا بالزاد الكثير والماء الغزير ولا ترجعوا إلى دور ولا إلى قصور فامنعوا بسيوفكم وجاهدوا في الله حق جهاده ولا تموتن الا وأنتم مسلمون قال ثم خرج من بين الصفوف واقبل على النساء وهن على التل وفيهن المهاجرات وبنات الأنصار وغيرهن من نساء المسلمين ومعهن أولادهن فقال لهن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والجنة أمامكم والشيطان والنار وراءكم واقبل حتى وقف مكانه ولم تغن مكيدة ماهان شيئا ورجعت الروم إلى ورائها حين نظروا خالدا زحف إليهم في خمسمائة فارس فخافوا لذلك ورجعوا حتى اصطفت الصفوف وعبى المسلمون كتائبهم فقال ماهان ما يوقفكم عن قتالهم فازحفوا إليهم فزحف الروم إلى المسلمين فنظر خالد إلى جيش عرمرم قال وكان ماهان قد انفذ ثلاثين ألفا من عظمائهم فحفروا لهم في الميمنة حفائر ونزلوا فيها وشدوا أرجلهم بالسلاسل واقترن كل عشرة في سلسلة التماسا لحفظ عسكرهم وحلفوا بعيسى بن مريم والصليب والقسيسين والرهبان والكنائس الأربع أن لا يفروا حتى يقتلوا عن آخرهم فلما نظر خالد إلى ما صنعوا قال لمن حوله من جيش الزحف هذا يوشك ان يكون يوما عظيما ثم قال اللهم أيد المسلمين بالنصر ثم أقبل على أبي عبيدة وقال أيها الأمير ان القوم قد اقترنوا في السلاسل وزحفوا الينا بالقواضب ويوشك أن يكون على الناس يوما عظيما فقال لهم أن العدو عدده كثير وما ينجيكم الا الصبر ثم قال لخالد فما الذي ترى من الرأي يا أبا سليمان قال الواقدي وكان ماهان قدم من الروم من عرفت شجاعته وعلمت براعته واشتهر بالثبات في بلادهم وهم مائة الف فلما نظر خالد إليهم شهد لهم بالفروسية وأنهم من أهل الشدة وقال لأبي عبيدة ان الرأي عندي أن توقف في مكاننا الذي أنت فيه سعيد بن زيد وتقف أنت من وراء الناس في مائتين وفي ثلاثمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علم الناس انك من ورائهم استحيوا من الله ثم منك أن يفروا قال فقبل أبو عبيدة مشورته ودعا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة فأوقفه أبو عبيدة مكانه ثم انتخب أبو عبيدة مائتي فارس من اليمن وفيهم رجال من المهاجرين والأنصار ووقف بهم من وراء الجيش بحذاء سعيد بن زيد قال حدثني ورقة بن مهلهل التنوخي وكان صاحب راية أبي عبيدة يوم
(٢٠٤)