معد يكرب رجعوا اليه وعطفوا عليه عطفة الإبل على أولادها فاجتمعوا حوله زهاء من خمسمائة فارس وراجل وشدوا على القوم شدة واحدة وحملت معهم حمير وحضرموت وخولان وحملوا حملة صعبة فازالوا الروم عن أماكنهم وحملت دوس مع أبي هريرة وهز رايته وهو يحرض قومه على القتال ويقول أيها الناس سارعوا إلى معانقة الحور العين في جوار رب العالمين وما من موطن أحب إلى الله من هذا الموطن الا وان الصابرين قد فضلهم الله على غيرهم الذين لم يشهدوا مشهدهم فلما سمعت دوس كلامه طافوا به وحملوا على الروم حملة منكرة ودارت بينهم الحرب كما تدور الرحى وتكاثرت جموع الروم على ميمنة المسلمين فعادت الخيل تنكص بأذنابها راجعة على أعقابها منكشفة كانكشاف الغنم بين أيدي الأسد ونظرت النساء خيل المسلمين راجعة على أعقابها فنادت النساء يا بنات العرب دونكن والرجال ردوهم من الهزيمة حتى يعودوا إلى الحرب قالت سعيدة بنت عاصم الخولاني كنت في جملة النساء يؤمئذ على التل فلما انكشفت ميمنة المسلمين صاحت بنا عفيرة بن غفار وكانت من المترجلات البازلات ونادت يا نساء العرب دونكن والرجال واحملن أولادكن على ايديكن واستقبلنهم بالتحريض فأقبلت النسوة يرجمن وجوه الخيل بالحجارة وجعلت ابنة العاص بن منبه تنادى قبح الله وجه رجل يفر عن حليلته وجعل النساء يقلن لأزواجهن لستم لنا ببعولة ان لم تمنعوا عنا هؤلاء الاعلاج قال العباس بن سهل الساعدي كانت خولة بنت الأزور وخولة بن ثعلبة الأنصارية وكعوب ابنة مالك بن عاصم وسلمى ابنة هاشم ونعم ابنة فياض وهند ابنة عتبة بن ربيعة ولبنى ابنة جرير الحميرية متحزمات وهن أمام النساء والمزاهر معهن وخولة تقول هذه الأبيات * يا هاربا عن نسوة ثقات * لها جمال ولها ثبات * تسلموهن إلى الهنات * تملك نواصينا مع البنات * أعلاج سوق فسق عتاة * ينلن منا أعظم الشتات * قال ورجعت الفرسان تحرض الفرسان على القتال فرجع المنهزمون رجعة عظيمة عندما سمعوا تحريض النساء وخرجت هند ابنة عتبة وبيدها مزهر ومن خلفها نساء من المهاجرين وهي تقول الشعر الذي قالته يوم أحد وهو هذا * نحن بنات طارق * نمشي على النمارق * مشي القطا الموافق * قيدي مع المرافق * ومن أبى نفارق * أن تغلبوا نمالق * أو تدبروا نفارق * فراق غير واثق * هل من كريم عاشق * يحمي عن العواتق * قال ثم استقبلت خيل ميمنة المسلمين فراتهم منهزمين فصاحت بهم إلى أين تنهزمون اين تفرون من الله ومن جنته وهو مطلع عليكم ونظرت إلى زوجها أبي سفيان
(٢٠٦)