فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٩٨
ذريعا وكان قيس إذا ضرب فيهم يقول هذا عن ابن أخي قال فقتل منهم ستة عشر رجلا وقتل أصحابه أكثر القوم وانفلت الباقون فلما فرغ قيس من القوم عاد يطلب ابن أخيه نحو عسكر الروم فسمع انينا فأقبل نحوه فإذا هو ابن أخيه سويد بن بهرام المرادي فلما عرفه بكى فقال ما أبكاك يا ابن أخي فقال يا عماه اني تبعت القوم فرجع إلي واحد منهم وطعنني في صدري واني لاعالج منها أمرا عظيما وهؤلاء الحور العين في حذائي ينتظرون خروج روحي قال فبكى قيس وقال يا ابن أخي لكل اجل كتاب ولعل أن يكون في أجلك طول فقال هيهات والله يا عم أفتقدر أن تحملني إلى عسكر المسلمين فأموت هناك قال أجل قال ثم احتملته على ظهري وأقبلت به إلى عسكر المسلمين وقصدت به إلى رحله وسجيته وسمع أبو عبيدة بمجيء قيس فأتى اليه ورأى الغلام يجود بنفسه فجلس عند رأسه وبكى وبكت المسلمون فقال له أبو عبيدة كيف تجدك يا ابن أخي فقال بخير والله وغفران وجزى الله محمدا عنا خيرا ولقد صدقنا في قوله وهذه الحور تنادي وتشخص فمات قال فما برحنا حتى واريناه بالتراب قال وخبره قيس بمن قتل في تلك الليلة من المشركين ففرح فرحا شديدا وعلم أن ذلك علامة النصر قال وبات الناس في ليلتهم يقرأون القرآن ويصلون ويسألون المعونة والنصر قال وأما ماهان فإنه لما رجع إلى عسكره اجتمع اليه البطارقة والرهبان والقسوس فقدموا له طعاما ومدوا له سماطا فلم يأكل منه شيئا مما وقع في نفسه من الرؤيا التي رآها البطريق وكان ماهان يود لو ترك الامر وصالح على أداء الجزية ولكنه كان مغلوبا على أمره وأقبلت الملوك والقسوس والبطارقة والرهبان على ماهان وقالوا ما بال الملك امتنع من الطعام فإن كان ذلك من غمه على من مات وعلى ما جرى عليه من الحرب فان الحرب سجال فيوم لك ويوم عليك واعلم أيها الملك أن القوم بنا ظافرون وما نملكهم الا أن نحمل عليهم فلا يبقى منهم أحد قال ماهان ما أظنكم غير منصورين الا من تغير أديانكم والجور في سلطانكم فبهذا نصرت العرب عليكم فقام اليه رجل وقال أيها الملك عشت الدهر وأنا رجل من أهل دينكم وكان لي مائة رأس من الغنم وكان فيها ولدي يرعاها فضرب عظيم من عظماء أصحابك الفسطاط إلى جانبها ثم إنه عدا عليها فأخذ منها حاجته وأخذ بقيتها أصحابه فجاءته زوجتي تشكو اليه انتهاب غنمي فلما رآها أمر بها فأدخلت اليه فطال مكثها عنده فلما رأى ولدها ذلك دنا من الفسطاط فإذا هو يجامع أمه فصاح الغلام فأمر البطريق بقتل الغلام فقتل فأتيت أريد خلاص ولدي وزوجتي فامر بي فضربت بالسيف فتلقيت الضربة بيدي فقطعها ثم أنه أخرج يده فإذا هي مقطوعة قال فغضب ماهان عند ذلك غضبا شديدا وقال للمعاهد أتعرف هذا البطريق الذي فعل بك ذلك قال نعم هو هذا وأومأ بيده إلى بطريق من البطارقة فنظر اليه ماهان مغضبا قال فغضب البطريق
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»