فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٧٠
قالوا نقاتلهم ونرجو من الله تعالى الظهور عليهم والمعونة وعلى غيرهم وهموا بالحملة فصاح عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وقال اصبروا رحمكم الله ولا تعجلوا حتى اكيدهم بمكيدة يهلكون بها وقال لأبي عبيدة رضي الله عنه أيها الأمير ان القوم قد استعانوا علينا بالعرب المتنصرة وهم اضعاف عددنا وان نحن نقاتلهم بجمعنا كله كان ذلك وهنا منا وضعفا وأريد أن أبعث لهم رسولا من بني عمهم يكلمهم في شأن ردهم عنا فان فعلوا كان ذلك كسرا لهم وللمشركين ووهنا عظيما وان أبوا الا الحرب والقتال خرج منا نفر يسير يردونهم على أعقابهم بعزة الله عز وجل قال فتعجب أبو عبيدة رضي الله عنه وقال يا أبا سليمان افعل ما تريد فعند ذلك دعا خالد بن الوليد بقيس بن سعد وعبادة بن الصامت الخزرجي وجابر بن عبد الله وأبي أيوب بن خالد بن يزيد رضي الله عليهم أجمعين فلما وقفوا بين يديه قال لهم يا أنصار الله تعالى ورسوله هؤلاء العرب المتنصرة يريدون قتالكم وهم غسان ولخم وجذام وهم بنو عمكم في النسب فأخرجوا إليهم وخاطبوهم واجتهدوا في ردهم عن حربكم وقتالكم فان فعلوا ذلك والا أخذهم السيف منا ومنكم وكنا لقتالهم كفؤا قال الواقدي فخرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب المتنصرة فوجدوا جبلة بن الأيهم قد نزل بإزاء المسلمين يريد حربهم وقتالهم فلما قربوا من بني غسان نادى جابر ابن عبد الله وقال يا معاشر العرب من لخم وغسان وجذام اننا بنو عمكم ونريد الدنو إليكم قال فأذن لهم جبلة بالدنو اليه فدخلوا عليه فإذا هو في مضرب من الديباج وقد فرش بالحرير الأصفر وهو جالس وحوله ملوكه وملوك جفنة فحيوه بتحية ملوك العرب فرفع جبلة أقدارهم وأدنى مزارهم وقال يا بني العم أنتم من الرحم ومن القرابة واني خرجت إليكم من جهة هذا الجيش الذي يرهقكم فخرج إلي رجل منكم فأفرط علي في المقال فما الذي أتى بكم إلي فكان أول من كلمه جابر بن عبد الله وقال يا ابن العم لا تؤاخذنا فيما تكلم به صاحبنا فان ديننا لا يقوم الا بالحق والنصيحة وان النصيحة لك منا واجبة لأنك ذو قرابة ورحم وقد أتينا إليك ندعوك إلى دين الاسلام وتكون من أهل ملتنا ويكون لك ما لنا وعليك ما علينا فان ديننا شريف ونبينا ظريف فقال وما أحب ذلك ولا غيره انني ضنين بديني وأنتم يا معاشر الأوس والخزرج رضيتم لأنفسكم أمرا ونحن رضينا لأنفسنا أمرا لكم دينكم ولنا ديننا فقال له الأنصاري ان كنت لا تحب ان تفارق دينك الذي أنت عليه فاعتزل عن قتالنا لتنظر من تكون العاقبة والغلبة فان كانت لنا وأردت الدخول في ديننا قبلناك وكنت منا وأخانا وان أقمت على دينك قنعنا منك بالجزية وأقررناك على بلدك وعلى مواطن كثيرة لآبائك وأجدادك فقال جبلة أخشى أن تركت حربكم وقتالكم وكانت الدائرة للقوم لا آمن أن
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»