فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٦٧
أياما لا يقاتل ولا يثير حربا جبلة بن الأيهم قال الواقدي وكان تأخير ماهان لامر وذلك أن رسولا ورد عليه من الملك هرقل يقول له لا تنجز الحرب بينك وبين المسلمين حتى نبعث إليهم رسولا ونعدهم منا كل سنة بمال كثير وهدايا لصاحبهم عمر بن الخطاب ولكل أمير منهم ويكون لهم من الجابية إلى الحجاز فلما وصل الرسول إلى ماهان قال هيهات هيهات أن كانوا يجيبون إلى ذلك أبدا فقال له جرجير وهو من بعض ملوك الجيش وما عليك وما عليك في هذا الذي ذكره الملك هرقل من المشقة فقال ماهان اخرج أنت إليهم وادع منهم رجلا عاقلا وخاطبه بالذي سمعت واجتهد في ذلك قال فلبس جرجير ثياب الديباج وتعصب بعصابة من الجوهر وركب شهباء عالية بسرج من الذهب الأحمر المرصع بالدر والجوهر وخرج معه ألف فارس من المدبجة وسار حتى أشرف على عساكر المسلمين أوقف جرجير أصحابه وقرب من المسلمين ووقف بإزائهم وقال يا معاشر العرب أنا رسول من الملك ماهان فليخرج إلي أميركم والمقدم عليكم حتى نعرض عليه مقالنا ولعلنا نصطلح ولا نسفك دم بعضنا قال فسمعه المسلمون فأعلموا الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه بذلك فخرج بنفسه اليه وعليه ثوب من كرابيس العراق وعلى رأسه عمامة سوداء وهو متقلد بسيفه وسار إلى أن وصل إلى جرجير ورفس فرسه حين التقت عنق فرسيهما والناس ينظرون اليهما فقال أبو عبيدة رضي الله عنه يا أخا الكفر قل ما أنت قائل واسأل عما تريد فقال جرجير يا معاشر العرب لا يغرنكم أن تقولوا هزمنا عساكر الروم في مواطن كثيرة وفتحنا بلادهم وعلونا أكثر أرضهم فانظروا الآن ما قد أتاكم من العساكر فان معنا من سائر الأجناس المختلفة وقد تحالف الروم أن لا يفروا ولا ينهزموا وأن يموتوا عن آخرهم وليس لكم على ما ترون من طاقة فانصرفوا إلى بلادكم وقد نلتم ما نلتم من بلاد الملك هرقل وقد عول الملك أن يتعود الاحسان إليكم وهو يهب لكم ما أخذتم من بلادهم منذ ثلاث سنين وقد أخذتم السلاح والذهب والفضة وقد كنتم من الهالكين فقال الأمير أبو عبيدة أما ما ذكرت من عساكر الروم وانهم لا يفرون ولا ينهزمون فلو رأت الروم شفار سيوفنا هربت ناكصة على أعقابها وأما تهويلك لنا بكثرة عددكم فقد رأيت قلتنا وضعف أجسامنا وكيف لقينا جموعكم وكثرتها وعظم عددها وسلاحها وأحب الأشياء الينا يوم مشاجرتكم بالحرب والقتال حتى يعرف من الذي يثبت للحرب فلما سمع جرجير كلام الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه التفت إلى رجل من أصحابه يقال له بهيل فقال يا بهيل الملك هرقل كأنه أعرف بهؤلاء العرب منا ثم لوى رأس جواده ورجع إلى ماهان واخبره بما قال أبو عبيدة فقال له ماهان دعوتهم إلى الموعد فقال لا وحق المسيح اني لم أفاتحه في شيء من ذلك لكن أبعث لهم بعض العرب المتنصرة فان
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»