عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٩٠
(هذا الحكيم أبو شاكر * كثير المحبين والشاكر) (خليفة بقراط في عصرنا * وثانيه في علمه الباهر) المتقارب وتوفي أبو شاكر بن أبي سليمان في سنة ثلاث عشرة وستمائة ودفن بدير الخندق عند القاهرة أبو نصر بن أبي سليمان كان طبيبا عارفا بصناعة الطب حسن المعالجة جيد العلاج وتوفي بالكرك أبو الفضل بن أبي سليمان كان طبيبا مشكورا في صناعة الطب عالما بها متميزا في المعالجة والمداواة وكان أصغر إخوته وعمر من دونهم كان مولده في سنة ستين وخمسمائة ووفاته في سنة أربع وأربعين وستمائة فمدة حياته أربع وثمانون سنة لم يبلغها أحد من إخوته وكان طبيبا للملك المعظم مقيما بالكرك ثم خدم الملك الكامل بالديار المصرية وتوفي فيها رشيد الدين أبو حليقة هو الحكيم الأجل العالم رشيد الدين أبو الوحش بن الفارس أبي الخير بن أبي سليمان داود بن أبي المنى بن أبي فانة ويعرف بأبي حليقة كان أوحد زمانه في صناعة الطب والعلوم الحكمية متفننا في العلوم والآداب حسن المعالجة لطيف المداواة رؤوفا بالمرضى محبا لفعل الخير مواظبا للأمور الشرعية التي هو عليها كثير العبادة ولقد اجتمعت به مرات ورأيت من حسن معالجته وعشرته وكمال مروءته ما يفوق الوصف واشتغل بصناعة الطب في أول أمره على عمه مهذب الدين أبي سعيد بدمشق واشتغل بعد ذلك بالديار المصرية وقرأ أيضا على شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم ابن علي رحمه الله ولم يزل دائم الاشتغال ملازما للقراءة ومولده بقلعة جعبر وذلك في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وخرج منها إلى الرها وربي بها مدة سبع أو ثمان سنين وكان والده يلبسه لباس الجندي مثل لباسه وكان ساكنا بدار يقال لها دار ابن الزعفراني عند باب شاع بالرها وكانت هذه الدار ملاصقة لدار السلطان فاتفق أن الملك الكامل دخل فيها الحمام فأعطاه والده الفارس المذكور فاكهة وماء ورد وأمره بحمله إلى السلطان فحمله إليه فلما خرج من الحمام وقدمه إليه أخذه ودخل به إلى الخزانة وفرغ تلك الأطباق الفاكهة وملأها له شقاقا سنية وسيرها مع غلامه لوالده وأخذ الملك الكامل بيده وكان عمره يومئذ نحو ثمان سنين ودخل إلى الملك العادل وعندما أبصره الملك العادل ولم يكن رآه قبلها قط قال للملك الكامل يا محمد هذا ابن الفارس لأنه
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»