عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٨٩
الخواص عنده وعند أولاده وكان كذلك أقول وكان فتح السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب للقدس في سابع وعشرين رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة أبو سعيد بن أبي سليمان هو الحكيم مهذب الدين أبو سعيد بن أبي سليمان بن أبي المنى بن أبي فانة كان فاضلا في صناعة الطب كان عالما بها متميزا في أعمالها متقدما في الدولة وقرأ علم الطب على أبيه وعلى غيره وكان السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب قد جعله في خدمة ولده الملك المعظم وأكرمه غاية الإكرام وأمر أن لا يدخل قلعة من قلاعه إلا راكبا مع صحة جسمه فكان يدخل في قلاعه الأربعة كذلك وهي قلعة الكرك وقلعة جعبر وقلعة الرها وقلعة دمشق وخدم أبو سعيد بن أبي سليمان الملك الناصر صلاح الدين والملك العادل أيضا بالطب وانتقل إلى الديار المصرية وأقم بها إلى حين وفاته وتوفي في سنة ثلاث عشرة وستمائة ودفن بدير الخندق عند القاهرة أبو شاكر بن أبي سليمان هو الحكيم موفق الدين أبو شاكر بن أبي سليمان داود وكان متقنا لصناعة الطب متميزا في علمها وعملها جيد العلاج مكينا في الدولة وقرأ صناعة الطب على أخيه أبي سعيد بن أبي سليمان وتميز بعد ذلك واشتهر ذكره وكان السلطان الملك العادل قد جعله في خدمة ولده الملك الكامل فبقي في خدمته وحظي عنده الحظوة العظيمة وتمكن عنده التمكن الكثير ونال في دولته حظا عظيما وكانت له منه إقطاعات ضياع وغيرها ولم يزل أبدا يفتقده بالهبات الوافرة والصلات المتواترة وكان أيضا الملك العادل يعتمد عليه في المداواة ويصفه بحسن العلاج وكان يدخل أيضا في جميع قلاعه وهو راكب مثل قلعة الكرك وقلعة جعبر وقلعة الرها وقلعة دمشق ثم قلعة القاهرة مع صحة جسمه ولقد بلغ من أمره عند سكن الملك الكامل بقصر القاهرة المحروسة أن أسكنه عنده فيه وكان الملك العادل ساكنا بدار الوزارة وأنه ركب ذات يوم على بغلة النوبة التي له وخرج إلى بين القصرين فركب فرسا آخر وسير بغلته التي كان راكبا عليها إلى دار الحكيم المذكور بالقصر وأمر بركوبه عليها وخروجه من القصر راكبا ولم يزل راكبا بين القصرين إلى أن وصل إليه فأخذ بيده وسايره يتحدث معه إلى دار الوزارة وسائر الأمراء يمشون بين يدي الملك الكامل وللعضد ابن منقذ في أبي شاكر
(٥٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 ... » »»