وتميز في أقسامها العلمية والعملية وله اشتغال جيد في علم الأدب وعناية فيه وله شعر كثير صحيح المباني بديع المعاني وكان رحمه الله كثير المروءة غزير العربية معروفا بالأفضال موصوفا بحسن الخلال قد غمر بإحسانه الخاص والعام وشملهم بكثرة الأنعام مولده ومنشؤه بدمشق واشتغل بصناعة الطب على الإمام مهذب الدين بن النقاش وعلى الشيخ رضي الدين الرحبي وخدم بصناعة الطب الملك العزيز عثمان بن الملك الناصر صلاح الدين وأقام معه في الديار المصرية وولاه رياسة الطب ولم يزل في خدمته وهو كثير الإحسان إليه والإنعام عليه إلى أن توفي الملك العزيز رحمه الله وكانت وفاته ليلة الأحد العشرين من المحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة بالقاهرة وبقي هو مقيما بالديار المصرية وقطن بها ثم خدم بعد ذلك الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب وبقي معه سنين وتوفي جمال الدين بن أبي الحوافر رحمه الله بالقاهرة وحدثني بعض أصدقائه قال كان يوما راكبا فرأى في بعض النواحي على مصطبة بياع حمص مسلوق وهو قاعد وقدامه كحال يهودي وهو واقف وبيده المكحلة والميل وهو يكحل ذلك البياع فحين رآه على تلك الحال ساق بغلته نحوه وضربه بالمقرعة على رأسه وشتمه وعندما مشى معه قال له إذا كنت أنت سفلة في نفسك أما للصناعة حرمة كنت قعدت إلى جانبي وكحلته ولا تبقى واقفا بين يدي عامي بياع حمص فتاب أن يعود يفعل من ذلك الفعل وانصرف أقول واشتغل على الشيخ جمال الدين بن أبي الحوافر جماعة وتميزوا في صناعة الطب وأفضل من اشتغل عليه منهم وكان أجل تلامذته وأعملهم عمي الحكيم رشيد الدين علي بن خليفة رحمه الله فتح الدين بن جمال الدين بن أبي الحوافر كان مثل أبيه جمال الدين في العلم والفضل والنباهة نزيه النفس صائب الحدس أعلم الناس بمعرفة الأمراض وتحقيق الأسباب والأعراض حسن العلاج والمداواة لطيف التدبير والمداراة عالي الهمة كثير المروءة فصيح اللسان كثير الإحسان وخدم بصناعة الطب الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب وبعد الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل محمد وتوفي رحمه الله في أيامه بالقاهرة شهاب الدين بن فتح الدين هو سيد العلماء ورئيس الأطباء علامة زمانه وأوحد أوانه قد جمع الفضائل وتميز على الأواخر والأوائل وأتقن الصناعة الطبية علما وعملا وحررها تفصيلا وجملا وهو علامة وقته في
(٥٨٥)