ينتظر رجوع يوحنا من دار السلطان فانصرف وقد أسلم في ذلك الوقت عيسى بن إبراهيم بن نوح بن أبي نوح كاتب الفتح بن خاقان قال إبراهيم فقمت إليه وجماعة من الرهبان فقال لنا اخرجوا يا أولاد الزنا من داري واذهبوا أسلموا فقد أسلم المسيح الساعة على يد المتوكل قال يوسف وقدم جرجة بن زكريا عظيم النوبة في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين ومائتين إلى سر من رأى وأهدى إلى المعتصم هدايا فيها قردة فإني عند يوحنا في اليوم الثاني من شوال من هذه السنة وأنا أعاتبه على تخلفه عن حضور الدار في ذلك الوقت لأني رأيت سلمويه وبختيشوع والجريش المتطببين وقد وصلوا إذ دخل علينا غلام من الأتراك الخاصة ومعه قرد من القرود التي أهداها ملك النوبة لا أذكر إني رأيت أكبر منه جثة وقال له يقول لك أمير المؤمنين زوج هذا القرد من حماحم قردتك وكان ليوحنا قردة يسميها حماحم كان لا يصبر عنها ساعة فوجم لذلك ثم قال للرسول قل لأمير المؤمنين اتخاذي لهذه القردة غير ما توهمه أمير المؤمنين وإنما دبرت تشريحها ووضع كتاب على ما وضع جالينوس في التشريح يكون جمال وضعي إياه لأمير المؤمنين وكان في جسمها قلة تكون العروق فيها والأوراد والعصب دقاقا فلم أطمع في اتضاح الأمر فيها مثل اتضاحه فيما عظم جسمه فتركتها لتكبر ويغلظ جسمها فأما إذ قد وافى هذا القرد فسيعلم أمير المؤمنين أني سأضع له كتابا لم يوضع في الإسلام مثله ثم فعل ذلك بالقرد فظهر له منه كتاب حسن استحسنه أعداؤه فضلا عن أصدقائه قال يوسف ودخل يوحنا على محمد بن أبي أيوب بن الرشيد وكانت به حمى مثلثة وهي التي تأخذ غبا فنظر إلى مائه وجس عرقه وسأله عن خبره كيف كان في أمسه ومبيته وصباحه إلى أن وافاه فأخبره بذلك فقال يوحنا حماك هذه من أسهل الحميات ما لم يخلط صاحبها لأن أقصى حقها سبعة أدوار وأكثر ذلك يترك في الدور الرابع وأن خلط فيها العليل انتقلت فربما تطاولت به العلة وربما تلفت نفسه فقال ابن أبي أيوب قف بي على ما رأيت فأني لا أخالفك فأمره أن يقتصر على لباب الخبز المغسول بالماء الحار ثلاث غسلات ثم يأكل اللباب إن كانت شهوته للطعام ضعيفة وعلى المزورات من الطعام مثل الماس والقرع والسرمق والخيار وما أشبه ذلك إن كانت شهوته قوية وإن يرفع يده عن الطعام وهو يشتهيه فقال له محمد فهذا ما أمرت بأكله فدلني على ما لا آكل فقال له أول ما أنهاك عن أكله فيوحنا بن ماسويه ثم بغلة الجاثليق فإن حقه على أهل النصرانية واجب ثم الزنبريتان وهما السفينتان اللتان في الجسر في الجانب الشرقي فإن الجسر لا يصلح إلا بهما ثم نهض مغضبا وهو يدعو علي لأني كنت السبب في مصيره إلى محمد بن أبي أيوب
(٢٥٠)