عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٤٧
وقال يوسف بن إبراهيم كان مجلس يوحنا بن ماسويه أعمر مجلس كنت أراه بمدينة السلام لمتطبب أو متكلم أو متفلسف لأنه كان يجتمع فيه كل صنف من أصناف أهل الأدب وكان في يوحنا دعابة شديدة يحضر بعض من يحضر من أجلها وكان من ضيق الصدر وشدة الحدة على أكثر مما كان عليه جبرائيل بن يختيشوع وكانت الحدة تخرج منه ألفاظا مضحكة وكان أطيب ما يكون مجلسه في وقت نظره في قوارير الماء وكنت وابن حمدون بن عبد الصمد بن علي الملقب بأبي العيرطرد وإسحق بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الملقب ببيض البغل قد توكلنا به بحفظ نوادره وأظهرت له التلمذة في قراءة كتب المنطق عليه وأظهروا له التلمذة بقراءتهما كتب جالينوس في الطب عليه قال يوسف فمما حفظت من نوادره في وقت نظره أن امرأة أتته فقالت له إن فلانة وفلانة وفلانة يقرأن عليك السلام فقال لها أنا بأسماء أهل قسطنطينية وعمورية أعلم مني بأسماء هؤلاء الذين سميتهن فاظهري بولك حتى أنظر لك فيه قال يوسف وحفظت عليه أن رجلا شكى إليه علة كان شفاؤه منها الفصد فأشار به عليه فقال لم أعتد الفصد فقال له ولا أحسب أحدا اعتاده في بطن أمه وكذلك لم تعتد العلة قبل أن تعتل وقد حدثت بك فاختر ما شئت من الصبر على ما أحدثت لك الطبيعة من العلة أو اعتياد الفصد لتسلم منها قال يوسف وشكى إليه رجل بحضرتي جربا قد أضر به فأمره بفصد الأكحل من يده اليمنى فأعلمه أنه قد فعل فأمر بفصد الأكحل أيضا من يده اليسرى فذكر أنه قد فعل فأمره بشرب المطبوخ فقال قد فعلت فأمره بشرب الأصمخيقون فأعلمه أنه قد فعل فأمره بشرب ماء الجبن أسبوعا وشرب مخيض البقر أسبوعين فأعلمه أنه قد فعل فقال له لم يبق شيء مما أمر به المتطببون إلا وقد ذكرت أنك فعلته وبقي شيء مما لم يذكره بقراط ولا جالينوس وقد رأيناه يعمل على التجربة كثيرا فاستعمله فإني أرجو أن ينجح علاجك إن شاء الله فسأله ما هو فقال ابتع زوجي قراطيس وقطعهما رقاعا صغارا واكتب في كل رقعة رحم الله من دعا لمبتلى بالعافية وألق نصفها في المسجد الشرقي بمدينة السلام والنصف الآخر في المسجد الغربي وفرقها في المجالس يوم الجمعة فأني أرجو أن ينفعك الله بالدعاء إذ لم ينفعك العلاج قال يوسف وصار إليه وأنا حاضر قسيس الكنيسة التي يتقرب فيها يوحنا وقال له قد فسدت علي معدتي فقال له استعمل جوارشن الخوزبي فقال قد فعلت فقال له يوحنا فاستعمل السقمونيا قال قد أكلت منه أرطالا فأمره باستعمال المقداذيقون فقال قد شربت
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 346 247 248 249 250 251 252 ... » »»