عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٣٩
ثم أمر المعتصم حيدر بن كاوس بالعقد لأبي دلف على قزوين وزنجان ونواحيها وإبراهيم ابن البحتري بتقليده خراج الناحية ومحمد بن عبد الملك بتقليده ضياعها فقلد أبو دلف ابنه معنا بن القاسم المعونة وقلدني الخراج والضياع وأمرنا بالخروج فأتيت سلمويه مودعا ومشاورا فقال لي انقلاعك من بلدك مع رجل منحل بدنه منذ خمسة وعشرين شهرا وجميع من يطيف به معك لا يجمعك وإياهم رحم وإنما هم أهل الجبل وأصبهان وأكثرهم صعاليك ولعلك قد استقصيت على بعضهم بالحضرة وحيث كنت تأمن على نفسك بما لا أحبه لك لأنه إن حدث بالرجل حادث كنت في أرض غربة أسيرا في أيدي من لا مجانسة بينك وبينهم وامتناعك على الرجل بعد أن أجبته إلى أن تتقدمه تسمج ولكن استأجله في الخروج بعد سبعة أيام وأشرف في هذه الأيام على مطعمه ومشربه حتى لا يصل إلى جوفه في هذا الأسبوع مأكول ومشروب إلا عرفت مبلغ وزنه على الحقيقة ووكل من يعرف وزن ما يخرج منه في هذا الأسبوع من ثقل وبول وارفع وزن ذلك ليوم بعد يوم إليك وصر إلي بعد هذا الأسبوع بمبلغ وزن جميع ما دخل بطنه من الطعام والشراب وغير ذلك ووزن ما يخرج منه فعنيت بذلك غاية العناية وتعرفته حتى صح عندي فوجدت ما خرج من بدنه قريبا من ضعف ما دخله من مطعم ومشرب فأعلمت ذلك سلمويه فقال لي لو كان خرج منه بوزن ما دخل بدنه لدل ذلك على سرعة تلفه فكيف ترى الحال كائنة والخارج منه مثل ضعف ما دخل بدنه الهرب من التلبيس بأمر هذا الرجل فإن الشوق قد جذبه فما لبث بعد هذا القول إلا بضع عشرة ليلة حتى توفي أبو دلف قال أبو علي القباني حدثني أبي قال كانت بين جدي الحسين بن عبد الله وبين سلمويه المتطبب مودة فحدثني أنه دخل إليه يوما إلى داره وكان في الحمام ثم خرج وهو مكمكم والعرق يسيل من جبينه وجاءه خادم بمائدة عليها دراج مشوي وشئ أخضر في زبدية وثلاث رقاقات كزمازك وفي سكرجة خل فأكل الجميع واستدعى ما مقداره درهمان شرابا فمزجه وشربه وغسل يديه بماء ثم أخذ في تغيير ثيابه البخور فلما فرغ أقبل يحادثني فقلت له قبل أن أجيبك إلى شيء عرفني ما صنعت فقال أنا أعالج السل منذ ثلاثين سنة لم آكل في جميعها إلا ما رأيت وهو دراج مشوي وهندبا مسلوقة مطجنة بدهن لوز وهذا المقدار من الخبز وإذا خرجت من الحمام احتجت إلى
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»