عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٥٣
قال افتصد المتوكل فقال لخاصته وندمائه اهدوا إلى يوم فصدي فاحتفل كل واحد منهم في هديته وأهدى إليه الفتح بن خاقان جارية لم ير الراؤون مثلها حسنا وظرفا وكمالا فدخلت إليه ومعها جام ذهب في نهاية الحسن ودن بلور لم ير مثله فيه شراب يتجاوز الصفات ورقعة فيها مكتوب (إذا خرج الإمام من الدواء * وأعقب بالسلامة والشفاء) (فليس له دواء غير شرب * بهذا الجام من هذا الطلاء) (وفض الخاتم المهدى إليه * فهذا صالح بعد الدواء) الوافر واستظرف المتوكل ذلك واستحسنه وكان بحضرته يوحنا بن ماسويه فقال يا أمير المؤمنين الفتح والله أطب مني فلا تخالف ما أشار به أقول ومن نوادر يوحنا بن ماسويه أن المتوكل على الله قال له يوما بعت بيتي بقصرين فقال له أخر الغداء يا أمير المؤمنين أراد المتوكل تعشيت فضرني لأنه تصحيفها فأجابه ابن ماسويه بما تضمن العلاج وعتب ابن حمدون النديم ابن ماسويه بحضرة المتوكل فقال له ابن ماسويه لو أن مكان ما فيك من الجهل عقلا ثم قسم على مائة خنفساء لكانت كل واحدة منهن أعقل من أرسطوطاليس ووجدت في كتاب جراب الدولة قال دخل ابن ماسويه المتطبب إلى المتوكل فقال المتوكل لخادم له خذ بول فلان في قارورة وائت به إلى ابن ماسويه فأتى به فلما نظر إليه قال هذا بول بغل لا محالة فقال له المتوكل كيف علمت أنه بول بغل قال ابن ماسويه أحضرني صاحبه حتى أراه ويتبين كذبي من صدقي فقال المتوكل هاتوا الغلام فلما مثل بين يديه قال له ابن ماسويه أيش أكلت البارحة قال خبز شعير وماء قراح فقال ابن ماسويه هذا والله طعام حماري اليوم ونقلت من خط المختار بن الحسن بن بطلان أن أبا عثمان الجاحظ ويوحنا بن ماسويه قال اجتمعا بغالب ظني على مائدة إسماعيل بن بلبل الوزير وكان في جملة ما قدم مضيرة بعد سمك فامتنع يوحنا من الجمع بينهما قال له أبو عثمان أيها الشيخ لا يخلو أن يكون السمك من طبع اللبن أو مضادا له فإن كان أحدهما ضد الآخر فهو دواء له وإن كانا من طبع واحد فلنحسب أنا قد أكلنا من أحدهما إلى أن اكتفينا فقال يوحنا والله مالي خبرة بالكلام ولكن كل يا
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»