عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٥٢
فكتب إلى خالد أما بعد فإن فلانا قدم علينا خاطبا لابنة أخيك فلانة بنت فلان فإن كانت أخلاقه تشاكل حسبه ففيه الرغبة لزوجته والحظ لولي عقد نكاحه فإن رأيت علي بما ترى العمل به في ابن عمك وابنة أخيك فإن المستشار مؤتمن فعلت إن شاء الله فكتب إليه خالد قد فهمت كتابك وكان أبو ابن عمي هذا أحسن أهلي خلقا وأسمجهم خلقا وأحسنهم عمن أساء به صفحا وأسخاهم كفا إلا أنه مبتل بالعهار وسماجة الخلق وكانت أمه من أحسن خلق الله وجها وأعفهم فرجا إلا أنها من سوء الخلق والبخل وقلة العقل على ما لا أعرف أحدا على مثله وابن عمي هذا فقد تقبل من أبويه مساويهما ولم يتقبل شيئا من محاسنهما فإن رغبت في تزويجه على ما شرحت لك من خبره فأنت وذاك وأن كرهته رجوت أن يخير الله لابنة أخينا إن شاء الله قال صالح فلما قرأ جدي الكتاب أمر بإعداد طعام للرجل فلما أدرك حمله على ناقة مهرية ووكل به من أخرجه من الكوفة فأعجبني هذا الحديث وحفظته وكان اختياري في منصرفي من عند صالح بن شيخ على دار هارون بن سليمان بن المنصور فدخلت عليه مسلما وصادفت عنده ابن ماسويه فسألني هارون عن خبري وعمن لقيت فحدثته بما كان عند صالح بن شيخ فقال لقد كنت في معادن الأحاديث الطيبة الحسان وسألني هل حفظت عنه حديثا فحدثته بهذا الحديث فقال يوحنا عليه وعليه أن لم يكن شبه هذا الحديث بحديثي وحديث ابني أكثر من شبه ابني بي بليت بطول الوجه وارتفاع قحف الرأس وعرض الجبين وزرقة العين ورزقت ذكاء وحفظا لكل ما يدور في مسامعي وكانت بنت الطيفوري أحسن أنثى رأيتها أو سمعت بها إلا أنها كانت ورهاء بلهاء لا تعقل ما تقول ولا تفهم ما يقال لها فتقبل ابنها مسامجنا جميعا ولم يرزق من محاسننا شيئا ولولا كثرة فضول السلطان ودخوله فيما لا يعنيه لشرحت ابني هذا حيا مثل ما كان جالينوس يشرح القرود والناس فكنت أعرف بتشريحه الأسباب التي كانت لها بلادته وأريح الناس من خلقته وأكسب أهلها بما أضع في كتابي في صفة تركيب بدنه ومجاري عروقه وأوراده وعصبه علما ولكن السلطان يمنع من ذلك وكأني بأبي الحسين يوسف قد حدث الطيفوري وولده بهذا الحديث فألقى لنا شرا ومنازعات ليضحك مما يقع بيننا فكان الأمر على ما توهم واعتل ماسويه بن يوحنا بعد هذا بليال قلائل وقد ورد رسول المعتصم من دمشق أيام كان بها مع المأمون في إشخاص يوحنا إليه فرأى يوحنا فصده ورأى الطيفوري وأبناه زكريا ودانيل خلاف ما رأى يوحنا ففصده يوحنا وخرج في اليوم الثاني إلى الشام ومات ماسويه في اليوم الثالث من مخرجه فكان الطيفوري وولده يحلفون في جنازتة أن يوحنا تعمد قتله ويحتجون بما حدثتهم به من كلامه الذي كان في منزل هارون بن سليمان ونقلت من كتاب الهدايا والتحف لأبي بكر وأبي عثمان الخالديين قالا حدثنا أبو يحيى
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»