عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٤٤
فقال الرشيد ذات يوم قد كان ماسويه ذكر أنه خدم المرضى بالمارستان وأنه يعالج الطبائع فليدخل إلى عليلتنا لعل عنده فرجا لها فأحضر جبرائيل وماسويه فقال له ماسويه عرفني حالها وجميع ما دبرتها به إلى وقتنا هذا فلم يزل جبرائيل يصف له ما عالجها به فقال ماسويه التدبير صالح والعلاج مستقيم ولكن احتاج إلى أن أراها فأمر الرشيد أن يدخلا إليها فدخل وتأملها وجس عروقها بحضرة الرشيد وخرجوا من عنده وقال ماسويه للرشيد يا أمير المؤمنين يكون لك طول العمر والبقاء هذه تقضي بعد غد ما بين ثلاث ساعات إلى نصف الليل فقال جبرائيل كذب يا أمير المؤمنين أنها تبرأ وتعيش فأمر الرشيد بحبس ماسويه ببعض دوره في القصر وقال لأسبرن ما قاله وأنذرنا به فما رأينا بعلم الشيخ بأسا فلما حضر الوقت الذي حده ماسويه توفيت فلم يكن للرشيد همة بعد دفنها إلا أن أحضر ماسويه فسأله وأعجب بكلامه وكان أعجمي اللسان ولكنه كان بصيرا بالعلاج كثير التجارب فصيره نظيرا لجبرائيل في الرزق والنزل والعلوفة والمرتبة وعنى بابنه يوحنا ووسع النفقة عليه فبلغ المرتبة المشهورة قال يوسف بن إبراهيم عدت جبرائيل بن بختيشوع بالعلث في سنة خمس عشرة ومائتين وقد كان خرج مع المأمون في تلك السنة حتى نزل المأمون في دير النساء فوجدت عنده يوحنا ابن ماسويه وهو يناظره في علته وجبرائيل يستحسن استماعه وإجابته ووصفه فدعا جبرائيل بتحويل سنته وسألني النظر فيه وإخباره بما يدل عليه الحساب فنهض يوحنا عند ابتدائي بالنظر في التحويل فلما خرج من الحراقة قال لي جبرائيل ليست بك حاجة إلى النظر في التحويل لأني أحفظ جميع قولك وقول غيرك في هذه السنة وإنما أردت بدفعي التحويل إليك أن ينهض يوحنا فأسألك عن شيء بلغني عنه وقد نهض فأسألك بحق الله أهل سمعت يوحنا قط يقول أنه أعلم من جالينوس بالطب فحلفت له أني ما سمعته قط يدعي ذلك فما انقضى كلامنا حتى رأيت الحراقات تنحدر إلى مدينة السلام فانحدر المأمون في ذلك اليوم وكان يوم خميس ووافينا مدينة السلام غداة يوم السبت ودخل الناس كلهم إلى مدينة السلام خلا أبي العباس بن الرشيد فإنه أقام في الموضع المعروف بالقلائين من الجانب الغربي بمدينة السلام وهو بإزاء دار الفضل بن يحيى بباب الشماسية التي صار بعضها في خلافة المعتصم لأبي العباس بن الرشيد فكنت وجماعة ممن يريد المصير إلى أبي العباس ممن منازلهم في قنطرة البردان ونهر المهدي لا نجشم أنفسنا المصير إلى الجسر ثم المصير إلى القلائين لبعد الشقة فنصير إلى قصر الفضل بن يحيى ونقف بإزاء مضرب أبي العباس وكانت الزبيديات توافينا فتعبر بنا
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 346 247 248 249 ... » »»