عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٤٢
إليه في كل يوم عند تسليمه في صلاة الغذاة فيغسل أجفانه ويكحل عينيه فإذا انتبه من قائلته فعل مثل ذلك وكان يجري عليه ألف درهم في كل شهر ثم سقطت منزلته بعد ذلك فسألته عن السبب في ذلك فأخبرني أن الحسين الخادم اعتل فلم يمكن ياسرا أخاه عيادته لاشتغاله بالخدمة إلى أن وافى ياسر باب الحجرة التي كان فيها المأمون وقد خرج جبرائيل من عنده بعد أن برد أجفانه وكحل عينيه فسأله ياسر عن خبر المأمون فأخبره أنه أغفى فتغنم ياسر ما أخبره به من نومه فصار إلى حسين فعاده وأنتبه المأمون قبل انصراف ياسر من عند حسين ثم انصرف ياسر فسأله المأمون عن سبب تخلفه فقال ياسر أخبرت بنوم أمير المؤمنين فصرت إلى حسين فعدته فقال له المأمون ومن أخبرك برقادي فقال له ياسر جبرائيل الكحال قال جبرائيل فأحضرني المأمون ثم قال يا جبرائيل اتخذتك كحالا لي أو عاملا على الإخبار عني أردد علي مكاحلي وأميالي واخرج عن داري فأذكرته خدمتي فقال إن له لحرمة فليقتصر له على إجراء مائة وخمسين درهما في كل شهر ولا يؤذن له في الدخول فلم يخدم المأمون بعده حتى توفي ماسويه أبو يوحنا قال فثيون الترجمان أن ماسويه كان يعمل في دق الأدوية في بيمارستان جندي سابور وهو لا يقرأ حرفا واحدا بلسان من الألسنة إلا أنه عرف الأمراض وعلاجها وصار بصيرا بانتقاد الأدوية فأخذه جبرائيل بن بختيشوع فأحسن إليه وعشق جارية لداود بن سرابيون فابتاعها جبرائيل بثمانمائة درهم ووهبها لماسويه ورزق منها ابنه يوحنا وأخاه ميخائيل وقال إسحق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسة إن ماسويه أبا يوحنا كان تلميذا في بيمارستان جندي سابور ثلاثين سنة فلما اتصل به محل جبرائيل من الرشيد قال هذا أبو عيسى قد بلغ السها ونحن في البيمارستان لا نتجاوزه فبلغ ذلك جبرائيل وكان البيمارستان إليه فأمر بإخراجه منه وقطع رزقه فبقي منقطعا به فصار إلى مدينة السلام ليعتذر إلى جبرائيل ويخضع له فلم يزل على بابه دهرا طويلا فلم يأذن له فكان إذا ركب دعا له واستعطفه فلا يكلمه فلما ضاق به الأمر صار إلى دار الروم بالجانب الشرقي فقال للقس أكرز لي في البيعة لعله أن يقع لي شيء فأنصرف إلى بلدي فإن أبا عيسى ليس يرضى عني ولا يكلمني فقال له القس أنت في البيمارستان منذ ثلاثين سنة ولا تحسن شيئا من الطب فقال بلى والله أطب وأكحل وأعالج الجراحات فأخرج له صندوقا وأعطاه إياه ليداوي وأجلسه بباب الحرم عند قصر الفضل بن الربيع وهو وزير الرشيد فلم يزل هناك يكسب الشيء بعد الشيء حتى حسنت حاله واشتكت عين خادم للفضل بن الربيع فنفذ إليه جبرائيل بكحالين فعالجوه بأصناف العلاج فلم ينتفع به واشتد وجعه حتى عدم النوم فلما اشتد أرقه وقلقه خرج من القصر هائما من الضجر والقلق فرأى ماسويه فقال له يا شيخ ما تصنع هنا إن كنت تحسن شيئا فعالجني
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 346 247 ... » »»