طولها إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها أربع وثلاثون درجة، بيت حياتها أول درجة من الأسد، طالعها الذراع اليماني تحت عشر درج من السرطان، يقابلها مثله من الجدي، بيت ملكها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وهي في الاقليم الرابع، وكانت مدينة كبيرة عامرة، قال أبو زيد: أما حلوان فإنها مدينة عامرة ليس بأرض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسر من رأى أكبر منها، وأكثر ثمارها التين، وهي بقرب الجبل، وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها، وربما يسقط بها الثلج، وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما، وهي وبئة ردية الماء وكبريتيته، ينبت الدفلى على مياهها، وبها رمان ليس في الدنيا مثله وتين في غاية من الجودة ويسمونه لجودته شاه انجير أي ملك التين، وحواليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عدة أدواء.
وأما فتحها فإن المسلمين لما فرغوا من جلولاء ضم هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيره على مقدمته إلى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء، فنهض إلى حلوان فهرب يزدجرد إلى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحا على أن كف عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو الدينور فلم يفتحها وفتح قرميسين على مثل ما فتح عليه حلوان وعاد إلى حلوان فأقام بها واليا إلى أن قدم عمار بن ياسر، فكتب إليه من الكوفة أن عمر قد أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري بالأهواز، فسار حتى لحق بأبي موسى في سنة 19، قال الواقدي: بحلوان عقب لجرير بن عبد الله البجلي، وكان قد فتح حلوان في سنة 19، وفي كتاب سيف: في سنة 16، وقال القعقاع بن عمرو التميمي:
وهل تذكرون، إذ نزلنا وأنتم منازل كسرى، والأمور حوائل فصرنا لكم ردءا بحلوان بعدما نزلنا جميعا، والجميع نوازل فنحن الأولى فزنا بحلوان بعدما أرنت، على كسرى، الاما والحلائل وقال بعض المتأخرين يذم أهل حلوان:
ما إن رأيت جواميسا مقرنة، إلا ذكرت ثناء عند حلوان قوم، إذا ما أتى الأضياف دارهم لم ينزلوهم ودلوهم على الخان وينسب إلى حلوان هذه خلق كثير من أهل العلم، منهم: أبو محمد الحسن بن علي الخلال الحلواني، يروي عن يزيد بن هارون و عبد الرزاق وغيرهما، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما، توفي سنة 242، وقال أعرابي:
تلفت من حلوان، والدمع غالب، إلى روض نجد، أين حلوان من نجد؟
لخصباء نجد، حين يضربها الندى، ألذ وأشفى للعليل من الورد ألا ليت شعري! هل أناس بكيتهم لفقدهم هل يبكينهم فقدي؟
أداوي ببرد الماء حر صبابة، وما للحشا والقلب غيرك من برد وأما نخلتا حلوان فأول من ذكرهما في شعرها فيما علمنا مطيع بن إياس الليثي، وكان من أهل فلسطين من أصحاب الحجاج بن يوسف، ذكر أبو الفرج عن أبي الحسن الأسدي حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه