وقد نثر الوسمي بالطل فوقه لآلئ كالدمع الذي أنا ذارفه وأعرس فيه بالشقيق نهاره، فأشبع من صبغ العذارى ملاحفه ولا حظه بالنرجس الغض أعين فواتر إيماض الجفون ضعائفه يغار على الصفر التي هي شكله، وللحمرة الفضل الذي هو عارفه دير القلمون: بأرض مصر ثم بأرض الفيوم مشهور عندهم معروف.
دير قنى: بضم أوله، وتشديد ثانيه، مقصور، ويعرف بدير مر ماري السليخ، قال الشابشتي:
هو على ستة عشر فرسخا من بغداد منحدرا بين النعمانية، وهو في الجانب الشرقي معدود في أعمال النهروان، وبينه وبين دجلة ميل، وعلى دجلة مقابله مدينة صغيرة يقال لها الصافية وقد خربت، ويقال له دير الأسكون أيضا، وبالقرب منه دير العاقول، وهو دير عظيم شبيه بالحصن المنيع وعليه سور عظيم عال محكم البناء وفيه مائة قلاية لرهبانه وهم يتبايعون هذه القلالي بينهم من ألف دينار إلى مائتي دينار، وحول كل قلاية بستان فيه من جميع الثمار، وتباع غلة البستان منها من مائتي دينار إلى خمسين دينارا، وفي وسطه نهر جار، هذه صفته قديما، وأما الآن فلم يبق من ذلك غير سوره وفيه رهبان صعاليك كأنه خرب بخراب النهروان، وقد نسب إليه جماعة من جلة الكتاب، منهم: فلان القنائي، قرأت بخط أبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي حدثني محمد بن إسحاق البغوي قال: حدثني أبي قال: كان مالك بن شاهي يقرأ ذات يوم على يحيى بن خالد كتابا فجعل يعرب وجعفر بن يحيى حاضر فقال لابنه: ألا ترى إلى مالك كيف يعرب وهو من أهل دير قنى؟
فقال مالك: أيما أقرب إلى البادية دير قنى أو بلخ؟
يريد أن البرامكة من بلخ وبسببهم كانت عمارته وهم الذين كانوا يتنافسون به، والمنحدر في دجلة يرى نوره من بعد، وقد وصفته الشعراء فقال ابن جمهور وهو أبو علي محمد بن الحسن القمي وهو صاحب النوادر مع زاد مهر جارية المنصور:
يا منزل اللهو بدير قنى قلبي إلى تلك الربى قد حنا سقيا لأيامك لما كنا نمتار منك لذة وحسنا أيام لا أنعم عيش منا إذا انتشينا وصحونا عدنا وإن فنى دن نزلنا دنا حتى يظن أننا جننا ومسعد في كل ما أردنا يحكي لنا الغصن الرطيب اللدنا أحسن خلق الله إذ تحنا وجس زير عوده وغنى بالله يا قسيس يا با قنا متى رأيت الرشأ الأغنا متى رأيت فتنتي تجنا آه إذا ما ماس أو تثنى أسأت إذ أحسنت فيك الظنا وله أيضا:
وكم وقفة في دير قنى وقفتها أغازل ظبيا فاتر الطرف أحورا وكم فتكة لي فيه لم أنس طيبها، أمت به حقا وأحييت منكرا