معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٥٢
الجماعة كلهم وفضل منه حتى فرقه بركة من الله الكريم حلت فيه بفضائل الحديث الشريف.
وقيل إن الأوزاعي وأي بشر بن مالك يلتبط في المعيشة فقال: أراك تطلب الرزق، الا أدلك على أم متعيش، قال: وما أم متعيش? قال: تنيس ما لزمها أقطع اليدين إلا ربته، قال بشر: فلزمتها فكسبت فيها أربعة آلاف، وقيل: إن المسيح، عليه السلام، عبر بها في سياحته فرأى أرضا سبخة مالحة قفرة والماء الملح محيط بها، فدعا لأهلها بإدرار الرزق عليهم.
قال: وسميت تنيس باسم تنيس بنت دلوكة الملكة، وهي العجوز صاحبة حائط العجوز بمصر، فإنها أول من بنى بتنيس وسمتها باسمها وكانت ذات حدائق وبساتين، وأجرت النيل إليها، ولم يكن هناك بحر، فلما ملك در كون بن ملوطس وزمطرة من أولاد العجوز دلوكة فخافا من الروم، فشقا من بحر الظلمات خليجا يكون حاجزا بين مصر والروم فامتد وطغى وأخرب كثيرا من البلاد العامرة والأقاليم المشهورة، فكان فيما أتى عليها أحنة تنيس وبساتينها وقراها ومزارعها، ولما فتحث مصر في سنة عشرين من الهجرة كانت تنيس حينئذ خصاصا من قصب، وكان بها الروم، وقاتلوا أصحاب عمرو، وقتل بها جماعة من المسلمين، وقبورهم معروفة بقبور الشهداء عند الرمل فوق مسجد غازي وجانب الأكوام، وكانت الوقعة عند قبة أبي جعفر بن زيد، وهي الآن تعرف بقبة الفتح، وكانت تنيس تعرف بذات الأخصاص إلى صدر من أيام بني أمية، ثم إن أهلها بنوا قصورا ولم تزل كذلك إلى صدر من أيام بني العباس، فبني سورها كما ذكرنا، دخلها أحمد ابن طولون في سنة 269، فبنى بها عدة صهاريج وحوانيت في السوق كثيرة وتعرف بصهاريج الأمير.
وأما صفتها فهي جزيرة في وسط بحيرة مفردة عن البحر الأعظم يحيط بهذا البحيرة البحر من كل جهة، وبينها وبين البحر الأعظم بر آخر مستطيل، وهي جزيرة بين البحرين، وأول هذا البر قرب الفرما والطينة، وهناك فوهة يدخل منها ماء البحر الأعظم إلى بحيرة تنيس في موضع يقال له القرباج، فيه مراكب تعبر من بر الفرما إلى البر المستطيل الذي ذكرنا أنه يحول بين البحر الأعظم وبجبرة تنيس، يسار في ذلك البر نحو ثلاثة أيام إلى قرب دمياط، وهناك أيضا فوهة أخرى تأخذ من البحر الأعظم إلى بحيرة تنيس، وبالقرب من ذلك فوهة النيل الذي يلقي إلى بحيرة تنيس، فإذا تكاملت زيادة النيل غلبت حلاوته على ماء البحر فصارت البحيرة حلوة، فحينئذ يدخر أهل تنيس المياه في صهاريجهم ومصانعه لسنتهم، وكان لأهل الفرما قنوات تحت الأرض تسوق إليهم الماء إذا حلت البحيرة، وهي ظاهرة إلى الأرض، وصورتها في الصفحة المقابلة.
قال صاحب تاريخ تنيس: ولتنيس موسم يكون فيه من أنواع الطيور ما لا يكون في موضع آخر، وهي مائز ونيف وثلاثون صنفا، وهي: السلوى، القبج المملوح، والنصطفير، الزرزور، الباز الرومي، الصفري، الدبسي، البلبل، السقاء، القمري، الفاختة، النواح، الزريق، النوبي، الزاغ، الهدهد، الحسيني، الجرادي، الأبلق، الراهب الخشاف، البزين، السلسلة، درداري، الشماص، البصبص، الأخضر، الأبهق، الأزرق، الخضير، أبو الحناء، أبو كلب، أبو دينار، وارية الليل، وارية النهار، برقع أم علي، برقع أم حبيب، الدوري، الزنجي،
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»