عن اسرار البلاغة وكذا النحوي واللغوي وقد كان الصحابة يعرفون هذا المغزى بالسليقة فكانوا يعرفون بالطبع وجوه بلاغته كما كانوا يعرفون وجوه اعرابه ولم يحتاجوا إلى بيان النوعين في ذلك لأنه لم يكن يجهلهما أحد من أصحابه فلما ذهب أرباب السليقة وضع لكل من الاعراب والبلاغة قواعد يدرك بها ما أدركه الأولون بالطبع فكان حكم علم المعاني والبيان كحكم النحو. ولما كان كتاب الكشاف هو الكافل في هذا الفن اشتهر في الآفاق واعتنى الأئمة المحققون بالكتابة عليه فمن مميز لاعتزال حاد فيه عن صوب الصواب ومن مناقش له فيما اتى به من وجوه الاعراب ومن محش وضح ونقح واستشكل وأجاب ومن مخرج لأحاديثه عزا واسند وصحح وانتقد ومن مختصر لخص واوجز.
فممن كتب عليه الامام ناصر الدين أحمد بن محمد ابن المنير الإسكندري.
المالكي كتابه الانتصاف بين فيه ما تضمنه من الاعتزال وناقشه في أعاريب وأحسن فيها الجدال وتوفى (سنة 683 ثلاث وثمانين وستمائة) [1]. وتلاه الامام علم الدين عبد الكريم بن علي العراقي في كتاب الانصاف جعله حكما بين الكشاف والانتصاف وتوفى سنة 704 أربع وسبعمائة. ولخصهما الامام جمال الدين عبد الله ابن يوسف بن هشام في مختصر لطيف مع يسير زيادة وتوفى سنة 762 اثنتين وستين وسبعمائة قال اختصرت فيه الانتصاف من الكشاف وحذفت منه ما وقعت الإطالة به من نقل كلام الزمخشري على وجهه من غير كلام عليه اعجابا به واستحسانا له وما قابل به الزمخشري في سبه أهل السنة بمثلها مقتصرا على العقيدة الصحيحة وما يتعلق بالآية منها من دليل وحمل على تأويل فلم ادع شيئا من معاني الكتاب المذكور فما وافق منه الصواب أبقيته بحاله وما خالف ذلك بينت وجه ضعفه واخلاله والله الموفق فابتدأ بقال محمود وقال احمد الخ كما في الانتصاف. وأكثر الإمام أبو حيان في بحره من مناقشته في الاعراب وتلاه تلميذه الشهاب أحمد بن يوسف الحلبي المشهور بالسمين والبرهان إبراهيم بن محمد السفاقسي في اعرابيهما. ولخص الشيخ تاج الدين " احمد " ابن مكتوم مناقشات شيخه أبى حيان في تأليف مفرد سماه الدر اللقيط من البحر المحيط وتوفى سنة 749 تسع وأربعين وسبعمائة. وممن كتب عليه حاشية العلامة قطب الدين محمود ابن مسعود الشيرازي في مجلدين لطيفين وتوفى سنة 710 عشر