كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ٢ - الصفحة ١٤٧٦
تفسير آية فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحجب أفاضوا في الاستحسان والتعجب حتى اجتمعوا إلى مقترحين ان املى عليهم في الكشف من حقائق التنزيل فاستعفيت فأبوا الا المراجعة والاستشفاع بعظماء الدين وعلماء العدل والتوحيد فأمليت عليهم مسألة في الفواتح وطائفة من الكلام في حقائق سورة البقرة وكان مبسوطا كثير السؤال والجواب فلما صمم العزم على معاودة جوار الله فتوجهت تلقاء مكة المكرمة وحططت الرحل بها إذ انا بالشعبة السنية من الدوحة الحسنية الأمير الشريف أبى الحسن علي بن حمزة بن وهاس اعطش الناس كبدا وأوفاهم رغبة فأخذت في طريقة أخصر من الأولى مع ضمان التكثير من الفوائد ففرغ منه في مقدار مدة خلافة أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه وكان يقدر تمامه في أكثر من ثلاثين سنة وما هي الا آية من آيات هذا البيت المحرم انتهى. قال ابن خلكان وكان الزمخشري معتزلي الاعتقاد وأول ما صنف كتاب الكشاف كتب استفتاح الخطبة الحمد لله الذي خلق القرآن فقيل له متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس فغيره بقوله الحمد لله الذي جعل القرآن وجعل عندهم بمعنى خلق انتهى. وقال السيوطي في نواهد الابكار بعد ذكر قدماء المفسرين ثم جاءت فرقة أصحاب النظر في علوم البلاغة التي بها يدرك وجه الاعجاز وصاحب الكشاف هو سلطان هذه الطريقة فلذا طار كتابه في اقصى المشرق والمغرب ولما علم مصنفه انه بهذا الوصف قد تجلى قال تحدثا بنعمة ربه وشكرا. وهو الكتاب الذي قال المصنف فيه يمدحه:
ان التفاسير في الدنيا بلا عدد. وليس فيها لعمري مثل كشافي ان كنت تبغى الهدى فالزم قراءته. فالجهل كالداء والكشاف كالشافي وقد نبه في خطبته مشيرا إلى ما يجب في هذا الباب من الأوصاف ولقد صدق وبر ورسخ نظامه في القلوب وقر. وتعقبه البلقيني في الكشاف قائلا قصد الزمخشري بما ابان الإشارة إلى براعته في علم المعاني والبيان وكيف يترجح فنان جمعهما أوراق يسيرة قد وضعا بعد الصحابة والتابعين وما على الناس من اصطلاح اتى به عبد القاهر واقتفاه السكاكي ولا يقوم لهما في كثير من المقامات دليل وعلم التفسير انما يتلقى من الاخبار. أقول لم يتوارد البلقيني والزمخشري على محل واحد وليس الزمخشري لانحصار تلقى التفسير من الأحاديث والآثار بجاحد وانما مقصوده ان القدر الزائد على التفسير من استخراج محاسن النكت والفقر ولطائف المعاني التي تستعمل فيها الفكر وبيان ما في القرآن من الأساليب لا يتهيأ الا لمن برع في هذين العلمين لان لكل نوع أصول وقواعد ولا يدرك فن بقواعد فن آخر والفقيه والمتكلم بمعزل
(١٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1471 1472 1473 1474 1475 1476 1477 1478 1479 1480 1481 ... » »»