كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ٢ - الصفحة ١١٣٨
والتغليظ على الجن والشياطين ما يبدو للحائم حوله المتعرض لهم به وكلما تلفظ بقوله عزمت عليكم فقد أوجب عليهم الطاعة والاذعان والتسخير والتذليل لنفسه وذلك من الممكن الجائز عقلا وشرعا ومن انكرهما لم يعبأ به لأنه يفضى إلى انكار قدرة الله سبحانه وتعالى لان التسخير والتذليل إليه وانقيادهم للانس من بديع صنعه. وسئل آصف بن برخياهل يطيع الجن والشياطين الانس بعد سليمان عليه السلام فقال يطيعونهم ما دام العالم باقيا وانما يتسق بأسمائه الحسنى وعزائمه الكبرى وأقسامه العظام والتقرب إليه في السير المرضية. ثم هو في أصله وقاعدته على قسمين محظور ومباح الأول هو السحر المحرم واما المباح فعلى الضد والعكس اذلا يستثمر منه شئ الا بورع كامل وعفاف شامل وصفاء.
خلوة وعزلة عن الخلق وانقطاع إلى الله تعالى وقد علمت أن التسخير إلى الله تعالى غير أن المحققين اختلفوا في كيفية اتصاله بهم منه تعالى فقيل على نهج لا سبيل لاحد دونه عز وجل وقيل بالعزيمة كالدعاء واجابته وقيل بها والسير المرضية وقيل بالجواسيس الطائعين المنهيين المتهيئين وقيل بالمحتبسة والسيارة وقيل بالعمار هذا ما يعتمد من كلام المحققين. قال فخر الأئمة اما الذي عندي انه إذا استجمع الشرائط وصوب العزائم صيرها الله تعالى عليهم نارا عظيمة محرقة لهم مضيقة أقطار العالم عليهم كيلا يبقى لهم ملجأ ولا متسع الا الحضور والطاعة فيما يأمرهم به وأعلى من هذا انه إذا كان ماهرا مسيرا في سيره الرضية واخلاقه الحميدة المرضية فإنه تعالى يرسل عليهم ملائكة أقوياء غلاظا شدادا ليزجروهم ويسوقوهم إلى طاعته وخدمته. وأثبت المتكلمون وغيرهم من المحققين هذه الأصول حيث قالوا ما يمنع من أن يكون من الكلام من أسماء الله تعالى أو غيرها في الكتب والعزائم والطلسمات ما إذا حفظه الانسان وتكلم به سخر الله تعالى بعض الجن والزم قلبه طاعته واختاره بما طلب منه من الأمور الكائنة فيما عرفه الجنى وشاهده ليخبر به الانسى وهذا هو بيان قول من قال إن منهم منهيين وجواسيس قالوا وطاعتهم للانس غير ممتنعة في عقل ولا سمع من الشامل [1].
عز العزلة لعبد الكريم بن محمد السمعاني المتوفى سنة 562 اثنتين وستين وخمسمائة.
العزى في التصريف للشيخ عز الدين أبى الفضائل

[1] (الشامل من البحر الكامل في العزايم) باق. ص 1024
(١١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1133 1134 1135 1136 1137 1138 1139 1140 1141 1142 1143 ... » »»