كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ٦٤٠
الحديث وتصحيحه وهذه كانت وظيفة الأولين وقد كفوا تلك المؤنة فلا حاجة بهم إلى ذكر ما فرغوا منه ووضعوا لأصحاب الكتب الستة علامة ورمزا بالحروف فجعلوا للبخاري خ لان نسبه إلى بلده أشهر من اسمه وكنيته وليس في حروف باقي الأسماء خاء ولمسلم م لان اسمه أشهر من نسبه وكنيته ولمالك ط لان اشتهار كتابه بالموطأ أكثر ولان الميم أول حروف اسمه وقد أعطوها مسلما وباقي حروفه مشتبهة بغيرها وللترمذي ت لان اشتهاره بنسبه أكثر ولأبي داود د لان كنيته أشهر من اسمه ونسبه والدال أشهر حروفها وابعدها من الاشتباه وللنسائي س لان نسبه أشهر من اسمه وكنيته والسين أشهر حروف نسبه وكذلك وضعوا لأصحاب المسانيد بالافراد والتركيب كما هو مسطور في الجوامع ثم إن أحوال نقلة الحديث في عصر الصحابة والتابعين معروفة عند كل أهل بلدة فمنهم بالحجاز ومنهم بالبصرة والكوفة من العراق ومنهم بالشام ومصر وكانت طريقة أهل الحجاز في الأسانيد أعلى ممن سواهم وأمتن في الصحة لاشتدادهم في شروط النقل من العدالة والضبط وسيد الطريقة الحجازية بعد السلف الامام مالك عالم المدينة ثم أصحابه مثل الشافعي والقعنبي وابن وهب ومن بعدهم الإمام أحمد ابن حنبل وكتب مالك رحمة الله تعالى عليه الموطأ أودعه أصول الاحكام من الصحيح ثم عنى الحفاظ لمعرفة طرق الأحاديث وأسانيدها المختلفة وربما يقع اسناد الحديث من طرق متعددة عن رواة مختلفين وقد يقع الحديث أيضا في أبواب متعددة باختلاف المعاني التي اشتمل عليها وجاء البخاري فخرج الأحاديث على أبوابها بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين واعتمد منها ما اجمعوا عليه وكرر الأحاديث وفرق الطرق والأسانيد في الأبواب ثم جاء مسلم فألف مسنده وحذا فيه حذو البخاري وجمع الطرق والأسانيد وبوبه ومع ذلك فلم يستوعبا الصحيح كله وقد استدرك الناس عليهما في ذلك ثم كتب أبو داود والترمذي والنسائي في السنن فتوسعوا من الصحيح والحسن وغيرهما قال ابن خلدون اما البخاري وهو أعلاها رتبة استصعب الناس شرحه واستغلقوا منحاه من أجل ما يحتاج إليه من معرفة الطرق المتعددة ورجالها من أهل الحجار والشام والعراق معرفة أحوالهم واختلاف الناس فيهم ولأجل ذلك يحتاج إلى امعان النظر في التفقه في تراجمه ولقد سمعت كثيرا من شيوخنا يقولون شرح كتاب البخاري دين على الأمة يعنون ان أحدا
(٦٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 635 636 637 638 639 640 641 642 643 644 645 ... » »»