كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ٧
العلوم في أنفسها بموضوعاتها وهو تمايز اعتبروه مع جواز الامتياز بشئ آخر كالغاية والمحمول. وسلكت الأواخر أيضا هذه الطريقة الثانية في علومهم وذلك أمر استحسنوه في التعليم والتعلم والا فلا مانع عقلا من أن بعد كل مسألة علما برأسه ويفرد بالتعليم والتدوين ولا من أن يعد مسائل متكثرة غير متشاركة في الموضوع علما واحدا يفرد بالتدوين وان تشاركت من وجه آخر ككونها متشاركة في أنها احكام بأمور على أخرى فعلم أن حقيقة كل علم مدون المسائل المتشاركة في موضوع واحد وان لكل علم موضوعا وغاية كل منهما جهة وحدة تضبط تلك المسائل المتكثرة وتعد باعتبارها علما واحدا الا ان الأولى جهة وحدة ذاتية والثانية جهة وحدة عرضية ولذلك يعرف العلوم تارة باعتبار الموضوع فيقال في تعريف المنطق مثلا علم يبحث فيه عن أحوال المعلومات وتارة باعتبار الغاية فيقال في تعريفة آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر. ثم إن الأحوال المتعلقة بشئ واحد أو بأشياء متناسبة [1] تناسبا معتدا به اما في أمر ذاتي كالخط والسطح والجسم التعليمي المتشاركة في مطلق المقدار الذي هو ذاتي لها لعلم الهندسة اوفى أمر عرضي كالكتاب والسنة والاجماع والقياس المتشاركة في كونها موصلة إلى الأحكام الشرعية لعلم أصول الفقه فتكون تلك الأحوال من الاعراض الذاتية التي تلحق الماهية من حيث هي لا بواسطة أمر أجنبي. واما التي جميع مباحث العلم راجعة إليها فهي اما راجعة إلى نفس الامر الذي هو الواسطة كما يقال في الحساب العدد اما زوج أو فرد أو إلى جزئي تحته كقولنا الثلاثة فرد وكقولنا في الطبيعي الصورة تفسد وتخلف بدلا عنه أو إلى عرض ذاتي له كقولنا المفرد [لعله الفرد] اما أول أو مركب واما العرض الغريب وهو ما يحلق الماهية بواسطة أمر عجيب اما خارج عنها أعم منها أو أخص فالعلوم لا تبحث عنه فلا ينظر المهندس في أن الخط المستدير أحسن أو المستقيم ولا في أن الدائرة نظير الخط المستقيم أو ضده لان الحسن والتضاد غريب عن موضوع علمه هو المقدار فإنهما يلحقان المقدر لا لأنه مقدار بل لو صف أعم منه كوجوده أو كعدم

[1] والأشياء المتناسبة يشترط أن تكون متحدة في الجنس أو في النسبة المتصلة أو في الغاية كما أن المقدار جنس الخط والسطح والجسم وكاتحاد النقطة والخط والسطح والجسم في النسبة فان نسبة النقطة إلى الخط كنسبة الخط إلى السطح ونسبته كنسبة السطح إلى الجسم كاتحاد بدن الانسان والمزاج والاخلاط والأركان والقوى والافعال وغيرها من الأدوية والأغدية في كونها منسوبة إلى الغاية في علم الطب وهى الصحة ان جعلت جميع هذه الأمور موضوعاته (منه).
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»