كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ٥
الفصل الثاني فيما يتصل بماهية العلم من الاختلاف والأقوال واعلم أنه اختلف في أن العلم بالشئ هل يستلزم وجوده في الذهن كما هو مذهب الفلاسفة وبعض المتكلمين أو هو تعلق بين العالم والمعلوم في الذهن كما ذهب إليه جمهور المتكلمين.
ثم إنه على الأول لا نزاع في انا إذا علمنا شيئا فقد تحقق أمور ثلاثة صورة حاصلة في الذهن وارتسام تلك الصورة فيه وانفعال النفس عنها بالقبول. فاختلف في أن العلم ان هذه الثلاثة فذهب إلى كل منها طائفة ولذلك اختلف في أن العلم هل هو من مقولة الكيف أو الانفعال أو الإضافة. والأصح انه من مقولة الكيف على ما بين في محله.
ثم اعلم أن القائلين بالوجود الذهني منهم من قال إن الحاصل في الذهن انما هو شبح للمعلوم وظل له مخالف إياه بالماهية غايته انه مبدأ لانكشافه لكن دليل المبحث لو تم لدل على أن للمعلوم نحوا آخر من الوجود لا كشبحه المخالف له بالحقيقة. ومنهم من قال الحاصل في الذهن هو نفس ماهية المعلوم لكنها موجودة بوجود ظلي غير أصلي وهى باعتبار هذا الوجود تسمى صورة ولا يترتب عليها الآثار كما انها باعتبار الوجود الأصلي تسمى عينا ويترتب عليها الآثار فهذه الصورة إذا وجدت في الخارج كانت عين العين كما أن العين إذا وجدت في الذهن كانت عين الصورة أي شبح قائم بنفس العالم به ينكشف المعلوم وهى العلم وذو صورة أي ماهية موجودة في الذهن غير قائم به وهى المعلوم وهما متغايران بالذات. فعلى رأى القائلين بالشبح يكون العلم من مقولة الكيف بلا اشكال مع كون المعلوم من مقولة الجوهر أو مقولة أخرى لاختلافهما بالماهية. واما على رأى القائلين بحصول الماهيات بأنفسها في الذهن ففي كونه منها اشكال مع اشكال اتحاد الجوهر والعرض بالماهية وهما متنافيان. وأجاب عنه بعض المحققين بان العلم من كل مقولة من المقولات وان عدهم العلم مطلقا من مقولة الكيف انما هو على سبيل التشبيه ويرد عليه انه يصدق على هذا تعريف الكيف على العلم فيكون كيفا - وبعض المدققين جوز تبدل الماهية بان يكون الشئ في الخارج جوهرا فإذا وجد في الذهن انقلب؟ كالمملحة التي ينقلب الحيوان الواقع فيها ملحا مشهور. وستقف على ما فيه من الرسائل إن شاء الله
(٥)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 ... » »»