وقد ذهب إلى جواز الوضع قوم من الكرامية (1) بفتح الكاف وتشديد الراء على الصحيح، نسبوا إلى ابن كرام فيما لا يتعلق به حكم من الثواب والعقاب ترغيبا للناس في الطاعة، وزجرا لهم عن المعصية، وحمل بعضهم الحديث المذكور: (من كذب علي).. الحديث، على أنه يقول إنه ساحر أو مجنون، وتشبث بعضهم برواية من كذب علي متعمدا ليضل به بهذه الزيادة لأنه كذب له، لا عليه، وهذا عجب فهذه الزيادة باطلة باتفاق الحافظ، وعلى تقدير صحتها فهي للتكثير لقوله تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم) (2). أو إن اللام ليست للتعليل، بل للصيرورة والعاقبة، والمعنى على هذا يصير كونه سببا إلى الاضلال والكذب بما لم يخبر به كذب عليه، وقد روى العقيلي (3) بضم القاف بإسناده لا محمد بن سعيد وكأنه المصلوب الآتي ترجمته إن شاء الله تعالى أنه قال: لا بأس إذا كان كلام حسن أن تضع له إسنادا.
وقال أبو العباس القرطبي في المفهم (4) شرح مختصر مسلم كلاهما له: استجاز بعض فقهاء العراق نسبة الحكم الذي دل عليه القياس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبة قولية وحكاية نقلية فيقول في ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا انتهى.
ثم ليعلم أيضا أن ابن الصلاح (5) قال: وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة إقراره انتهى.
والذي يتنزل منزلة إقراره كان يحدث بحديث عن شيخ ثم يسأل عن مولد نفسه فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يوجد قبله ولا يوجف ذلك الحديث إلا عنده، فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع، لان ذلك الحديث لا يعرف إلا عند ذلك الشيخ ولا يعرف إلا برواية هذا الحديث الذي حدث به.