سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٦٧
وأخذ عن ابن عقيل، وابن الزاغوني، وسمع من ابن ملة، واشتغل مدة، وأم بمسجد كان يسكنه، وناظر، وأفتى.
قال ابن الجوزي (1): يظهر من فلتات لسانه ما يدل على سوء عقيدته، وكان لا ينضبط، وله ميل إلى الفلاسفة، قال لي مرة: أنا الآن أخاصم فلك الفلك (2). وقال لي القاضي أبو يعلى الصغير: مذ كتب صدقة (الشفاء) لابن سينا تغير. وقال للظهير الحنفي: إني لأفرح بتعثيري لان الصانع يقصدني.
مات في ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، وهو في عشر الثمانين.
وكان يطلب من غير حاجة (3)، وخلف ثلاث مئة دينار. ورويت له منامات نجسة أعاذنا الله من الشقاوة.

(١) (المنتظم) ١٠ / ٢٧٦.
(٢) كذا وردت في الأصل، وفي (المنتظم) لابن الجوزي الذي ينقل عنه: (أنا لا أخاصم إلا من فوق الفلك) وفي (تاريخ الاسلام): (انا أخاصم الآن فوق الفلك).
(٣) نقل ابن رجب عن ابن النجار قوله: (وقد نسخ بخطه كثيرا للناس من سائر الفنون، وكان قوته من أجرة نسخه، ولم يطلب من أحد شيئا، ولا سكن مدرسة، ولم يزل قليل الحظ، منكسر الأغراض، متنغص العيش، مقترا عليه أكثر عمره.. فكان ربما شكا حاله لمن يأنس به، فيشنع عليه؟؟ له فيه غرض، ويقول: هو يعترض على الاقدار، وينسبه إلى أشياء الله أعلم بحقيقتها) (الذيل: ١ / ٣٣٩ ٣٤٠)، ويظهر لنا ان ابن الجوزي قد حط عليه في تاريخه حطا بليغا لم يكن كله من الحق، قال أبو الحسن القطيعي في ما نقل عنه الحافظ ابن رجب: (كان بينه وبين ابن الجوزي مباينة شديدة، وكل واحد يقول في صاحبه مقالة الله اعلم بها) (الذيل: ١ / ٣٤٠) وقد أثنى عليه محدث بغداد المحب ابن النجار في تاريخه، وقال: (وله مصنفات حسنة في أصول الدين، وقد جمع تاريخا على السنين بدأ فيه وقت وفاة شيخه ابن الزاغوني سنة سبع وعشرين وخمس مئة، مذيلا به على تاريخ شيخه، ولم يزل يكتب فيه إلى قريب من وقت وفاته، يذكر فيه الحوادث والوفيات) (الذيل: 1 / 339) وتاريخ صدقة هذا من مصادر ابن الدبيثي الرئيسة في تاريخه الذي ذيل به على ذيل ابن السمعاني، (انظر مقدمة (ذيل تاريخ مدينة السلام) لابن الدبيثي: 1 / 40).
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»