سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٣٤٤
قال العماد: تمت الرزية بانتقال القاضي الفاضل من دار الفناء إلى دار البقاء في منزله بالقاهرة في سادس ربيع الآخر، وكان ليلتئذ صلى العشاء، وجلس مع مدرس مدرسته، وتحدث معه ما شاء، وانفصل إلى منزله صحيحا، وقال لغلامه: رتب حوائج الحمام، وعرفني حتى أقضي منى المنام، فوافاه سحرا، فما اكترث بصوته، فبادر إليه ولده، فألفاه وهو ساكت باهت، فلبث يومه لا يسمع له إلا أنين خفي، ثم قضى رحمه الله.
قيل: وقف منجم على طالع القاضي، فقال: هذه سعادة لا تسعها عسقلان.
حفظ القرآن، وكتب ختمة، ووقفها، وقرأ (الجمع بين الصحيحين) على ابن فرح، عن رجل، عن الحميدي، وصحب أبا الفتح محمود بن قادوس المنشئ، وكان موت أبيه سنة 46 (1)، وكان لما جرى على أبيه نكبة اتصلت بموته، ضرب، وصودر حتى لم يبق له شئ، ومضى إلى الإسكندرية، وصحب بني حديد، فاستخدموه.
قال جمال الدين ابن نباتة: رأيت في بعض تعاليق القاضي: لما ركبت البحر من عسقلان إلى الإسكندرية، كانت معي رزمة فيها ثياب، ورزمة فيها مسودات، فاحتاج الركاب أن يخففوا، فأردت أن أرمي رزمة المسودات، فغلطت، ورميت رزمة القماش.
وذكر القاضي ابن شداد أن دخل القاضي كان في كل يوم خمسين (2) دينارا (3).

(1) يعني: 546.
(2) في الأصل: (خمسون).
(3) لعل الأصح: (مئة وخمسين) وهو ما نعتقده، ليتوافق مع الذي ذكره المؤرخون بأن دخله قرابة الخمسين ألف دينار في السنة.
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»