سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ١٥٦
واحد بمال، فيرده، فكان يقال له: فرقه على من ترى، فيمتنع، وكان فيه من التواضع بحيث أنه يقرئ الصغير والكبير، ويرشد المبتدئ، رأيته يحفظ الصبيان القرآن في الألواح، وكان يمنع من يمشي معه، فعلت ذلك مرة، فزجرني، وترددت إليه نحوا من سنة ونصف، فما رأيت منه، ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه.
وكان أبو مسعود كوتاه يقول: أبو موسى كنز مخفي.
قال الحسين بن يوحن (1) الباوري: كنت في مدينة الخان (2)، فسألني سائل عن رؤيا، فقال: رأيت كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، فقال: إن صدقت رؤياك، يموت إمام لا نظير له في زمانه، فإن مثل هذا المنام رئي حال وفاة الشافعي والثوري وأحمد بن حنبل، قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى المديني.
وعن عبد الله بن محمد الخجندي، قال: لما مات أبو موسى، لم يكادوا أن يفرغوا منه، حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلا بأصبهان، فما انفصل أحد عن المكان مع كثرة الخلق إلا قليلا، وكان قد ذكر في آخر إملاء أملاه: أنه متى مات من له منزلة عند الله، فإن الله يبعث سحابا يوم موته علامة للمغفرة له، ولمن صلى عليه.
سمعت شيخنا العلامة أبا العباس (3) بن عبد الحليم يثني على حفظ أبي موسى ويقدمه على الحافظ ابن عساكر باعتبار تصانيفه ونفعها.

(1) في (تذكرة الحفاظ): (يوحز) محرف، وباور التي نسب إليها موضع باليمن، خرج الحسين منه في طلب العلم فاستقر بأصبهان وتوفي بها سنة 587 (راجع تكملة المنذري:
1 / الترجمة 137 والتعليق عليها).
(2) الخان: موضع بأصبهان كما في (معجم) ياقوت و (مراصد) البغدادي.
(3) يعني شيخ الاسلام المجاهد الكبير ابن تيمية الحراني المتوفى مسجونا سنة 728.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»