الحبال والحديث يقرأ عليه، فلم تزل دموعه تجري حتى فرغ القارئ.
وقال السلفي: سمعت ابن طاهر يقول: وقع المطر يوما، فجاء الحبال، فقال: قد تلف بالمطر من كتبي بأكثر من خمس مئة دينار. فقلت له: قيل: إن ابن مندة عمل خزانة لكتبه، فقال، لو عملت خزانة لاحتجت إلى جامع عمرو بن العاص.
قال السلفي: سمعت مرشد بن يحيى المديني يقول، اشتريت من كتب الحبال عشرين قنطارا بمئة دينار، فكان عنده أكثر من خمس مئة قنطار كتب.
قيل: إن بعض طلبة الحديث قصد أبا إسحاق الحبال، ليسمع منه جزءا - وذلك قبل أن يمنع - فأخرج به عشرين نسخة، وناول كل واحد نسخة يقابل بها (1).
قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: كان عندنا بمصر رجل يسمع معنا الحديث، وكان متشددا، وكان يكتب السماع على الأصول، فلا يكتب اسم أحد حتى يستحلفه أنه سمع الجزء، ولم يذهب عليه منه شئ. وسمعته يقول: كنا يوما نقرأ على شيخ، فقرأنا قوله عليه السلام: " لا يدخل الجنة قتات " (2). وكان في الجماعة رجل يبيع ألقت - وهو علف الدواب - فقام وبكى، وقال: أتوب إلى الله. فقيل له: ليس هو ذاك، لكنه النمام الذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم يؤذيهم. قال: فسكن، وطابت نفسه (3).