الخطيب قال: أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الامرين، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه. والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما (1) أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا: لله يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول:
إنها جوارح. ولا نشبهها بالأيدي والاسماع والابصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول: إنما وجب إثباتها لان التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله: * (ليس كمثله شئ) * [الشورى: 11) * (ولم يكن له كفوا أحد) * (2) [الاخلاص: 4].
قال ابن النجار: ولد الخطيب بقرية من أعمال نهر الملك، وكان أبوه خطيبا بدرزيجان، ونشأ هو ببغداد، وقرأ القراءات بالروايات، وتفقه على الطبري، وعلق عنه شيئا من الخلاف، إلى أن قال: وروى عنه محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو سعد أحمد بن محمد الزوزني، ومفلح بن