سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٢١٠
* (كونوا قوامين بالقسط) * [النساء: 135] [ومنها غضب وشهوة يزينان لها الجور، ويعميانها عن طريق الرشد] (1) قال تعالى: * (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم) * [البقرة: 206]. وقال: * (كل حزب بما لديهم فرحون) * [الروم: 32] فالفاضل يسر بمعرفته، والجاهل يسر بما لا يدري حقيقة وجهه وبما فيه وباله، ومنها فهم يليح لها (2) الحق من قريب، وينير [لها في] (3) ظلمات المشكلات، فترى به (4) الصواب ظاهرا جليا، ومنها جهل يطمس عليها الطريق، ويساوي عندها بين السبل، فتبقى النفس في حيرة تتردد، وفي ريب تتلدد (5)، ويهجم بها على أحد الطرق المجانبة للحق تهورا وإقداما، قال تعالى: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * [الزمر: 9] ومنها قوة التمييز التي سماها الأوائل المنطق، فجعل لها خالقها بهذه القوة سبيلا إلى فهم خطابه، وإلى معرفة الأشياء على ما هي عليه، وإلى إمكان التفهم، فبها تكون معرفة الحق من الباطل، ومنها قوة العقل التي تعين النفس المميزة على نصرة العدل، فمن اتبع ما أناره (6) له العقل الصحيح، نجا وفاز، ومن عاج عنه هلك، قال تعالى: * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) * [ق: 37].
فأراد بذلك العقل، أما مضغة القلب، فهي لكل أحد، فغير العاقل هو كمن لا قلب له.

(1) ما بين معكوفين استدراك من كتابه " الاحكام ".
(2) في الأصل: " له " والتصويب من " الاحكام ".
(3) ما بين معكوفين مستدرك من " الاحكام ".
(4) في الأصل: " بها " والتصويب من " الاحكام ".
(5) في " القاموس " تلدد: تلفت يمينا وشمالا، وتحير متبلدا وتلبث.
(6) في الأصل: " أثاره "، والمثبت من " الاحكام " 1 / 5.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»