القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة. وآخر من روى عنه مروياته بالإجازة أبو الحسن شريح (1) بن محمد.
نشأ في تنعم ورفاهية، ورزق ذكاء مفرطا، وذهنا سيالا، وكتبا نفيسة كثيرة، وكان والده من كبراء أهل قرطبة، عمل الوزارة في الدولة العامرية، وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته، وكان (2) قد مهر أولا في الأدب والاخبار والشعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة، فأثرت فيه (3) تأثيرا ليته سلم من ذلك، ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق، ويقدمه (4) على العلوم، فتألمت له، فإنه رأس في علوم الاسلام، متبحر في النقل، عديم النظير على يبس فيه، وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول.
قيل: إنه تفقه أولا للشافعي، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه، والاخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث، والقول بالبراءة الأصلية، واستصحاب الحال، وصنف في ذلك كتبا كثيرة، وناظر عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج (5) العبارة، وسب وجدع (6)، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض