مكتوبة، فقبض بيمينه رقعة منها، وحذف بها في وسط الحلقة، وأنساب بين الناس مستخفيا (1)، وأنا أرمقه، وكان ثم أبو عبيدة بن حربويه، فنشر الرقعة وقرأها... وفيها دعاء، أن يدعو لصاحبها مريضا كان أو غير ذلك، ويؤمن على الدعاء من حضر، فقال الشيخ: اللهم أجمع بينهما، وألف قلوبهما، واجعل ذلك فيما يقرب منك، ويزلف لديك. وأمنوا على دعائه.. ثم طوى الرقعة وحذفني بها، فتأملت ما فيها... فإذا فيها مكتوب:
عفا الله عن عبد أعان بدعوة * لخلين كانا دائمين على الود إلى أن وشى واشي الهوى بنميمة * إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد ... فلما كان في الجمعة الثانية حضرا جميعا، وإذا الاصفرار والانكسار قد زال، فقلت لابن حربويه: إني أرى الدعوة قد أجيبت، وأن دعاء الشيخ كان على التمام... فلما كان في تلك السنة كنت فيمن حج، فكأني أنظر إلى الغلامين محرمين.. بين منى وعرفة، فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن تكهلا (2).
قال القفطي في " تاريخ النحاة " له: كان إبراهيم الحربي رأسا في الزهد، عارفا بالمذاهب، بصيرا بالحديث، حافظا له.... له في اللغة كتاب: " غريب الحديث "، وهو من أنفس الكتب وأكبرها في هذا النوع (3).