سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦٥
الغربي، وله نيف (1) وثمانون سنة.... وكان صدوقا، عالما، فصيحا، جوادا، عفيفا، زاهدا، عابدا، ناسكا، وكان مع ذلك ضاحك السن، ظريف الطبع... ولم يكن معه تكبر ولا تجبر، [و] ربما مزح مع أصدقائه بما يستحسن (2) منه، ويستقبح من غيره، وكان شيخ البغداديين في وقته، وظريفهم، وزاهدهم، وناسكهم، ومسندهم في الحديث، وكان يتفقه لأهل العراق، وكان له مجلس في [المسجد] الجامع الغربي يوم الجمعة، فأخبرني إبراهيم بن جابر، قال: كنت أجلس في حلقة إبراهيم الحربي، وكان يجلس إلينا غلامان في نهاية الحسن والجمال من الصورة والبزة (3)، وكأنهما روح (4) في جسد، إن قاما قاما معا، وإن حضرا، فكذلك، فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما [و] قد بان الاصفرار بوجهه والانكسار [في عينيه]...، فلما كانت الجمعة [الثانية]، حضر الغائب، ولم يحضر الذي جاء في الجمعة الأولى منهما، وإذ الصفرة والانكسار بين (5) في لونه... وقلت: إن ذلك للفراق الواقع بينهما، وذلك للألفة الجامعة لهما، فلم يزالا يتسابقان في كل جمعة إلى الحلقة، فأيهما سبق [صاحبه] إلى الحلقة لم يجلس الآخر... فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما فجلس [إلينا]، ثم جاء الآخر [فأشرف على الحلقة] فوجد صاحبه قد سبق، وإذا المسبوق قد أخذته (6) العبرة، فتبينت ذلك منه في دائرة (7) عينيه، وإذا في يسراه رقاع صغار

(1) في " مروج الذهب ": " خمس ".
(2) في الأصل: " يستحيى "، وما أثبتناه هو الصواب، والموافق لما في " المروج ".
(3) في " مروج الذهب " زيادة هنا: " من أبناء التجار من الكرخيين، وبزتهما واحدة ".
(4) في " المروج ": " روحان ".
(5) في " المروج ": " أبين ".
(6) في " المروج ": " خنقته ".
(7) في " المروج ": " حماليق ".
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»