سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦٨
قال أبو الحسين بن سمعون: حدثنا أحمد بن سليمان القطيعي قال:
أضقت إضاقة، فأتيت إبراهيم الحربي لابثه (1)، فقال لي: لا يضيق صدرك، فإن الله من وراء المعونة، فإني أضقت مرة، حتى انتهى أمري إلى أن عدم عيالي قوتهم، فقالت الزوجة: هب أني أنا وأنت نصبر، فكيف بالصبيتين؟ هات شيئا من كتبك نبيعه أو نرهنه. فضننت بذلك، وقلت:
أقترض غدا، فلما كان الليل، دق الباب، فقلت: من ذا؟ قال: رجل من الجيران [فقلت: ادخل. فقال:]، فأطفئ السراج حتى أدخل. فكببت شيئا على السراج، فدخل، وترك شيئا، وقام، فإذا هو منديل فيه أنواع من المآكل، وكاغد (2) فيه خمس مئة درهم، فأنبهنا الصغار وأكلوا، ثم من الغد (3)، إذا جمال يقود جملين، عليهما حملان ورقا، وهو يسأل عن منزلي، فقال: هذان الجملان أنفذهما لك رجل من خراسان، واستحلفني أن لا أقول من هو (4).
إسنادها مرسل.
قال الحسين بن فهم الحافظ: لا ترى عيناك مثل إبراهيم الحربي، إمام الدنيا، لقد رأيت، وجالست العلماء، فما رأيت رجلا أكمل منه.
قال الحاكم: سمعت محمد بن صالح القاضي يقول: لا نعلم بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الأدب والفقه والحديث والزهد.
قلت: يريد من اجتمع فيه هذه الأمور الأربعة.

(١) البث: شدة الحزن، كأنه من شدته يبثه صاحبه.
(٢) الكاغد: القرطاس. لفظ فارسي معرب.
(٣) في: تاريخ بغداد: " ولما كان من الغد ".
(٤) انظر: تاريخ بغداد: ٦ / 31 - 32، والزيادة منه.
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»