سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦٢
قال أبو ذر الهروي: حكى لي بعض أصحابنا ببغداد، أن إبراهيم الحربي كان سمع مسائل ابن القاسم علي بن الحارث بن مسكين، وحصل سماعه مع رجل، ثم مال إلى طريقة الكلام، فلم يستعرها منه إبراهيم، ورجع، فسمعها من الحسن بن عبد العزيز الجروي (1)، عن ابن أبي الغمر، عن ابن القاسم.
قلت: نعم، يظهر في تصانيف الحربي أنه ينزل في أحاديث، ويكثر منها، وهذا يدل على أنه لم يزل طلابة للعلم.
وروى المخلص، عن أبيه: أن المعتضد بعث إلى إبراهيم الحربي بمال، فرده عليه أوحش رد، وقال: ردها إلى من أخذتها منه، وهو محتاج إلى فلس (2). وكان لا يغسل ثوبه إلا في كل أربعة أشهر مرة. ولقد زلق مرة في الطين، فلقد كنت أرى عليه أثر الطين في ثوبه إلى أن غسله.
قال عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي الحنبلي: أخبرنا أبو الحسين العتكي، قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول لجماعة عنده: من تعدون الغريب في زمانكم؟ فقال رجل: الغريب: من نأى عن وطنه. وقال آخر:
الغريب: من فارق أحبابه. فقال إبراهيم: الغريب في زماننا: رجل صالح، عاش بين قوم صالحين، إن أمر بمعرف آزروه، وإن نهى عن منكر أعانوه، وإن احتاج إلى سبب من الدنيا مانوه، ثم ماتوا وتركوه (3).
قال أحمد بن مروان الدينوري: أتينا إبراهيم الحربي، وهو جالس

(١) انظر ترجمته، والحديث عن نسبته في: الأنساب: ٣ / 237 - 239.
(2) تقدم مثل هذا قبل قليل.
(3) طبقات الحنابلة: 1 / 89.
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»