سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦١
إبراهيم الحربي، وكان وعدنا أن يمل علينا مسألة في الاسم والمسمى، وكان يجتمع في مجلسه ثلاثون ألف محبرة، وكان إبراهيم مقلا، وكانت له غرفة، يصعد، فيشرف منها على الناس، فيها كوة إلى الشارع، فلما اجتمع الناس، أشرف عليها، فقال لهم: قد كنت وعدتكم أن أملي عليكم في الاسم والمسمى، ثم نظرت فإذا لم يتقدمني في الكلام فيها إمام يقتدى به، فرأيت الكلام فيه بدعة، فقام الناس، وانصرفوا، فلما كان يوم الجمعة، أتاه رجل، وكان إبراهيم لا يقعد إلا وحده، فسأله عن هذه المسألة، فقال، ألم تحضر مجلسنا بالأمس؟ قال: بلى. فقال: أتعرف العلم كله؟ قال: لا. قال: فاجعل هذا مما لم تعرف.
وبالاسناد: قال إبراهيم: ما انتفعت من علمي قط إلا بنصف حبة، وقفت على إنسان، فدفعت إليه قطعة أشتري حاجة، فأصاب فيها دانقا، إلا نصف حبة، فسألني عن مسألة، فأجبته، ثم قال للغلام: أعط أبا إسحاق بدانق، ولا تحطه بنصف حبة (1).
وسمعته يقول: أقمت ثلاثين سنة، كل ليلة إذا أويت إلى فراشي، لو أعطيت رغيفي جارتي لاحتجت إليهما (2).
ويروى: أن إبراهيم لما صنف " غريب الحديث "، وهو كتاب نفيس كامل في معناه. قال ثعلب: ما لإبراهيم وغريب الحديث؟! رجل محدث. ثم حضر مجلسه، فلما حضر المجلس سجد ثعلب، وقال: ما ظننت أن على وجه الأرض مثل هذا الرجل.

(١) انظر: تاريخ بغداد: ٦ / ٣٣ - ٣٤.
(٢) انظر الخبر مفصلا في: تاريخ بغداد: ٦ / 31.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»